الوحدة.
فكلما لا يتأبى عن الاتصال بأشياء متخالفة الحقائق بأن يكون مع كل منها بحسبه ففي مرتبة عقل وفي وهم وفي مرتبة خيال وفي مرتبة حس.
وكل قوة دراكة فهي من جنس مدركه كما بين في مقاومه ففي مرتبة الوهم يكون موهوما وفي مرتبة الخيال يكون متخيلا وفي مرتبة الحس يكون محسوسا.
فكذلك لا يمتنع أن يتصل بشيء من وجه ولا يتصل به من وجه آخر فإن ذاتها بمنزلة مرآة كبرى كل قوس منها صارت مصقلة جاذب بها منظر الحق الذي يكون فيه كل كمال وزينة فوقعت فيها صورة مناسبة لها يخرج بحسبها ما بالقوة من الصور والكمالات.
والاعتداد في كل من هذه الاتصالات والانعكاسات بما استقرت النفس عليه في آخر الأمر والعبرة بما هو الغالب عليها والصائر ملكة لها.
وبه يجري الحكم عليها في النشأة الآخرة فإن حصلت لها في الدنيا ملكة الاتصال بالأمور الدنياوية فما لها إلى الجحيم على حسب دركاتها وإن حصلت لها في الدنيا ملكة الاتصال بالخيرات والعقليات فما لها إلى النعيم على حسب درجاتها.
فصل في مراتب القوة العملية اعلم أن مراتب القوة العلمية أيضا بحسب الاستكمال أربع:
الأولى تهذيب الظاهر باستعمال النواميس الإلهية والشرائع والأحكام من القيام والصيام والصدقات والقرابين والأعياد والجماعات وغيرها.
الثانية تهذيب القلب وتطهير الباطن عن الملكات الردية والأخلاق الدنية.