بحث وتحقيق إن من المباحثين من حصل وجه الإعادة البدنية بما حاصله أن الشخص إنما يتشخص ويتخصص بخصوصية أجزائه مادة وصورة روحا وبدنا وليس خصوص التأليف وتشخصه معتبرا في الشخص بل المعتبر أشخاص الأجزاء بتأليف نوعي لا شخصي باقيا بعينه ثم إذا بطل التأليف وانحل التراكيب المعتبر لم يبق الشخص الأول لا لزوال الأجزاء فإنها باقية بأشخاصها وأعيانها بل لزوال النظم والتأليف المعتبر بينها نوعا ثم إذا حصل مرة أخرى من نوع التأليف المعتبر بين الأجزاء الباقية بعينها عاد الشخص الأول وكان هو الأول بعينه. هذا كلامه.
ويقرب منه ما ذكره بعض أجلة المتأخرين حيث قال: قد ذهب بعض المتكلمين إلى جواز إعادة المعدوم وذهب الحكماء وبعض المتكلمين إلى امتناعها وهؤلاء وإن كانوا مسلمين معترفين بالمعاد الجسماني ينكرون إعادة المعدوم بعينه فإنهم لا يقولون بانعدام الأجسام بل بتفرق أجزائها وخروجها عن الانتفاع.
ثم قال: ذكرت في حواشي التجريد أن هذا بناء على نفي الجزء الصوري للأجسام وحصر أجزائه في الجواهر المفردة كما هو مذهب المتكلمين وكذا على مذهب المصنف حيث قال: الجسم هو الصورة الاتصالية وأنها يبقى بعينها حال الانفصال ولو أثبت الجزء الصوري في الأجسام قيل: يكفي في المعاد الجسماني كون الأجزاء المادية هي بعينها ولا يقدح فيه تبدل الجزء الصوري بعد أن كان أقرب الصور إلى الصورة الزائلة. فإن قيل: فيكون تناسخا.
قيل: الممتنع عندنا هو انتقال النفس إلى بدن مغاير له بحسب المادة لا إلى بدن متألف من عين مادة هذا البدن وصورة هي أقرب الصور إلى الصورة الزائلة فإن سميت ذلك تناسخا فلا بد من البرهان على امتناعه فإن النزاع إنما هو في المعنى لا في الألفاظ