عدمية لا ذات لها متقررة.
وأما ما ذكره بعضهم جوابا عما يقول: إن المعنى المعقول إذا لم يصح حلوله في منقسم فيحل في نقطة لئلا يلزم من انقسام المحل انقسامه من أن النقطة نهاية وليس لها طرفان ليحل المعنى المعقول في طرف ويلي الطرف الآخر منها جانب الخط.
فهو في غاية السخافة لجواز قيام عرض بعرض عندهم والعرض الحامل للعرض ليس ذا طرفين ليقبل عرضا بطرف ويلاق المحل بطرف آخر وقبول الأعراض لا تعلق له بالأطراف وقسمة المحل كما يوجب قسمة الحال كذلك يوجب قسمة ما يحله رأسا برأس.
ومن أراد أن يوهن حجة تجرد النفس بأخذه أمر النقطة مفروغا عنه في كونها موجودة غير منقسمة لها محل منقسم ثم يجعل الحجة منقوضة بالنقطة فليس ذلك الأمر أولى به من العكس لأن يجعل برهان تجرد النفس مفروغا عنه ثم يبطل به حلول كل أمر غير منقسم في منقسم بل العكس أولى لأن القضية الكلية أولى بأن يكون أصلا يستنبط ويتفرع منه أحكام الجزئيات بجعلها كبرى لصغرى سهلة الحصول ويتعرف منهما حال الجزئي كما في القياس من أن يجعل حال الجزئي أصلا يقاس إليه حال الطبيعة الكلية كما في التمثيل إذ لا شك أن القياس أقوى في الحجة من التمثيل.
حجة أخرى قريبة المأخذ من السابقة وهي أن القوة العاقلة من الإنسان شيء ذو تجرد المعقولات من المادة وعوارضها من الكم المحدود والأين والوضع المخصوص وغيرها فكون هذه الصورة المعقولة مجردة عن هذه اللواحق إما بحسب ذاتها وإما بالقياس إلى الشيء المأخوذ منه وإما بالقياس إلى الشيء الآخذ والأول محال وإلا لاستحال أن يقربها هذه اللواحق في الوجود الخارجي لأن ما بالذات لا يختلف.