نقيض التالي وهو سالبة جزئية متصلة ينتج نقيض المقدم صورتها هكذا: لو كان التعقل بآلة جسدانية لكان كلما عرضت لها آفة وكلال يعرض لها في التعقل فتور لكن ليس هذا كليا ينتج أن تعقلها ليس بآلة بدنية. وما قيل عليه ليس صحيحا لأنه استثناء لعين التالي وهو غير منتج.
ومما يتبين به أن القوة العاقلة ليست منطبعة في محل كعضو ونحوه أنها لو كانت كذلك لكانت إما دائمة التعقل له إن كفى في تعقلها له مجرد صورة ذلك العضو مثلا الحاضرة له دائما أو دائمة اللاتعقل إن احتاج في التعقل إلى صورة أخرى له لتوقفه على أمر مستحيل وهو حصول صورتين من نوع واحد في مادة واحدة والموقوف على المستحيل مستحيل والتالي بقسميه باطل فالمقدم باطل فإن كل عضو قد يعقله النفس وقد يغفل عنه كذا قيل. ولي في هذا الوجه نظر يعلم مما ذكرناه في مباحث الوجود الذهني في غير هذا الكتاب.
فصل في أن النفس الإنسانية جوهر روحاني قائم بذاته مستغن عن البدن في وجوده البقائي قد علمت بما سردنا عليك أن الإنسان بما هو إنسان يخالف سائر الحيوانات بقوة يخصه بها يدرك المعقولات الكلية وهو النفس الناطقة.
وقد جرت عادتهم بتسمية هذه القوة عقلا هيولانيا وعقلا بالقوة والنفس الناطقة وهي موجودة في كل واحد من أفراد الإنسان طفلا كان أو بالغا مجنونا كان أو عاقلا مريضا كان أو سليما.
وعلمت أيضا أن أول ما يحصل في هذه القوة من المعقولات المسماة بداية العقول والآراء العامية هي الأوليات الحاصلة لها من غير تعلم وقياس وحدس وتجربة بل على سبيل اللزوم والجبر وهي المبادي لغيرها من الثواني التي يمكن خلو بعض الإنسان عنها.