وثمرته التي بها ينتهي استكمال المواد والأجسام.
وأما في باب المشعرين الآخرين اللتين هما مشعر التخيل ومشعر التعقل فأكثر الناس متوقفون في هذين المشعرين ما داموا في هذا الكون على مرتبة القوة والاستعداد ولم يبلغوا في شيء منها إلى حد الكمال وكثير منهم على حد الكمال في التخيل والتمثل من غير فعلية الأمر التمثيلي منه في العيني الخارجي.
فهم في باب الوجود المثالي الشبحي في حد التمام من دون الفعلية الحاصلة في المرتبة التي هي فوق التمام.
فنسبتهم إلى عالمهم نسبة النائم التام الخلقة إلى عالم الحس كما قال ع:
الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.
وأما الأنبياء والأولياء والعرفاء الكاملين فالأنبياء وخصوصا سيدهم وخاتمهم ص كانوا في حد التمام وفوق التمام في كلا المشعرين.
وأكثر الأولياء والكمل من العرفاء والحكماء كذلك في باب العقل والمعقول إلا أنه حيث يكون الإنسان بقدر اشتغاله بعالم الحس محجوبا عن العالمين الآخرين فهو مع كونه تاما كاملا في شيء منهما لا يكون فوق التام فيه عند حياته الدنياوية بحث يترتب لوازم الفعلية وآثار الفضيلة في ذلك وإلا لانقطع تعلقه عن هذا الكون الحسي بالكلية صائرا إلى عالم الذي يكون فيه بالفعل المحض.
فعليك بالتفطن والتحدس مما ذكرناه وأصلناه لتحصيل النشئات الثلاثة التي هي هذا العالم وعالم الآخرة وعالم الجبروت.
فإن القوة على الشيء لا يتصور إلا بكونه منتظر الوقوع وإلا يلزم التعطيل في الأمور الفطرية التي أودعها الله في الطبائع.
فوجود الاستعداد والكمال في كل من النشأتين الآخرتين كاشف عن وجودهما في الواقع ينتقل إليه النفوس الإنسانية بعد الموت.
فثبت مما ذكرناه وجود عالمين آخرين كل منهما معاد لطائفة من النفوس وذلك ما أردناه.
تذكرة توضيحية ثم لقائل أن يقول: تلك الدار الآخرة على كثرة صورها وهيئاتها وأشكالها كجناتها