منهما على طبقات متفاوتة كلها موجودة في الخارج.
وإنما غفلوا عنها لأنه لم يسلك أحد منهم سبيل القدس ولا اشتغلوا بالرياضة والتنزيه والذي سلك منهم كان سلوكه ضعيفا ومن سلك إما من مرشد متأله أو بتأييد إلهي غريب وقع على الندرة فسيطلع على وجود أمور تيقن أنها غير موجود في مواد هذا العالم ولا في تجاويف دماغه على ما زعمه المشاؤن بل في صقع آخر من غير ريبة وإن كذبه أهل البحث يكذب هو إياه بالمشاهدة المتكررة.
فصل في أصول المعجزات والكرامات وهي ثلاثة لأن الإنسان ملتئم عن عوالم ثلاثة من جهة مبادي إدراكات ثلاثة التعقل والتخيل والإحساس.
وقد مر أن كل إدراك فهو ضرب من الوجود فشدة التعقل وكماله في الإنسان يوجب له مصاحبة القدس ومجاورة المقربين والاتصال بهم والانخراط في سلكهم.
وشدة القوة المصورة فيه يؤدي إلى مشاهدة الأشباح المثالية والأشخاص الغيبية وتلقي الأخبار الجزئية منهم والاطلاع على الحوادث الماضية والآتية بهم.
وشدة القوة الحاسة المساوقة لكمال قوة التحريك فيه يوجب انفعال المواد عنه وخضوع القوى والطبائع الجرمانية له.
فالدرجة الكاملة من الإنسان بحسب نشئاته الجامعة لجميع العوالم هي التي يكون الإنسان بها قوي القوى الثلاث ليستحق بها خلافة الله ورئاسة الناس.
فعلم مما ذكرنا أن أصول المعجزات والكرامات كمالات وخاصيات ثلاث لقوى ثلاث.
الخاصية الأولى كمال القوة النظرية وهي أن تصفو النفس صفاء يكون شديدة الشبه بالعقل ليتصل به من غير كثير تفكر