وموجودية الممكنات بالارتباط إليه كون وجود الحق صفة للممكن عارضا لماهيته كما هو مذهب الجمهور في مفهوم الوجود المطلق بالنسبة إليها تعالى ولهذا قيل: معيته تعالى بالماهيات الممكنة ليست إلا قيو ميته تعالى مع أن معيته بها أشد في باب المعية من معية العارض بالمعروض والمعروض بالعارض لكن لا يلزم بسببها اختلاط الواجب بالممكن وحصول التغيير والتجزي في ذاته (تعالى) واتصافه بصفات المحدثات من التلوث والتقذر.
كما قال سيد الأولياء صلوات الله وسلامه عليه: مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة..
ومن توهم من العامية ضعفاء العقول أنه يلزم من معيته تعالى بالماهيات الممكنات كما هو رأي المحققين من الحكماء والموحدين من الصوفية ممازجته وملابسته بالقاذورات والأشياء الخبيثة. فما فهم من المعية المذكورة إلا ملابسة الجسمانيات بعضها مع بعض وما ترقى فهمه إلى معية النفس مع البدن.
بل لعمري لو تفطن بمعية النور المحسوس بالأجسام حيث لا يلزم من ملابسة الأنوار بالقاذورات تلطخها وتلوثها بها لما وقع في هذا الظن الفاسد في حقه تعالى بل الحق كما تبين مما ذكرناه أن معيته تعالى بالماهيات ليست إلا قيوميته لها مع أنا لا نعلم كنهها.
والحاصل مما ذكرناه ومما تركناه مخافة أن يعسر دركه على الأفهام: أن الممكن في مرتبة ذاته لا يكون موجودا أصلا لا في نفسه ولا بنفسه ولا لنفسه بل له الوجود الاعتباري النسبي إلى المبدإ الأول القيوم الواجب بالذات وهو الموجود في نفسه بنفسه لنفسه (والله أعلم بسرائر الأمور).
فصل في أن كنه الواجب تعالى غير معلوم للبشر نسبة الوجود الانتزاعي إلى الواجب تعالى وإن كان كنسبة المعاني المصدرية المنتزعة عن نفس الماهيات كالإنسانية من الإنسان والحيوانية من الحيوان إلا أن بينهما مخالفة من وجه آخر سوى ما ذكرنا من أن مطابق الحكم بالوجود على الحقيقة الواجبية نفس تلك غير مقيدة بما دام كونها موجودة بخلاف المعاني الذاتية فإن الحكم