جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا انتهى.
وهذه القوة والقدرة التي يكون لأصحاب الكرامات في إيجاد الصور العينية في الدنيا يكون لعامة الناس في الآخرة سواء كانوا سعيدا أو شقيا إلا أن السعداء لعدالة ملكاتهم واستقامة آرائهم وصحة أخلاقهم وسلامة نفوسهم عن الأمراض النفسانية والأخلاق الذميمة الحاصلة من المعاصي والشهوات يكون قرينهم في الآخرة الحور والغلمان والرضوان واللؤلؤ والمرجان والوجوه الحسان وأنواع النعم وفنون الكرامات والأشقياء لخباثة أخلاقهم ورداءة ملكاتهم واعوجاج إدراكاتهم وفساد آرائهم وأمراض نفوسهم الحاصلة من متابعة الدنيا وحب الشهوات والمستلذات وترك الامتثال للأوامر والنواهي الشرعية ومتابعة النفس الأمارة بالسوء يكون جليسهم في القيامة الجحيم والنيران ومالك غضبان والعقارب والحيات والصور الموحشة القباح وأنواع العذاب وفنون العقاب إذ الأمور الأخروية من نعيم الجنان وعذاب النيران وغيرهما كلها من نتائج الأعمال والأفعال في الدنيا وتوابع الأخلاق والملكات في الأولى ظهرت وحصلت في النشأة الثانية والدار الآخرة للعباد. والصور الأخروية أشد إلذاذا وإيلاما من الصور الدنياوية بما لا نسبة بينهما في التنعيم والتعذيب كيف لا وربما يكون المعلوم في النوم أشد في بابه من التأثير الملائم والمنافر في الذي يراه الإنسان في اليقظة والأخرى لا يكون أضعف في بابه من المعلوم بل الحدس الصائب يحكم بأنه أشد منه بكثير وذلك لصفاء القلب وصحة الإدراك وعدم الشاغل.
فالصور الأخروية هي أكثر تأثيرا من الصور المنامية وهي من الصور الدنياوية وهكذا يقاس صور كل نشأة وعالم إلى صور نشأة أخرى يكون فوقها بعدة مراتب في باب قوة التأثير.
ولهذا ورد في الخبر: أن هذه النار غسلت بالماء سبعين مرة ليمكن الانتفاع بها فإن حرارة النار الدنياوية تابعة لصورتها النوعية.
وقد حققنا في غير هذا الكتاب أن لكل نوع جسماني فردا روحانيا في عالم الأمر فالنار الجسمانية التي هي في هذا العالم