بالطبقة العليا من الملائكة وهدايتهم وتبليغ الوحي بها إليهم.
فاعلم الآن أن الملائكة ليسوا مقصورين في أفعالهم على ذلك القدر بل الملائكة مع وفور عددها وكثرة ذواتها وترتيب مراتبها تنحصر في ثلاث طبقات: الملائكة الأرضية والسماوية وهي المدبرات أمرا وحملة العرش وهي الغايات في الحركات والمعاشيق في الأشواق النفسانية والسابقات سبقا.
فانظر كيف وكلهم بك في انتظام حالك في جميع أمورك حتى فيما يرجع إلى غذائك فإن كل جزء من أجزاء بدنك لا تغذي إلا بأن يوكل الله به سبعة من الملائكة هو أقل إلى عشر إلى مائة وإلى ما وراء ذلك.
وبيان ذلك أن معنى التغذي أن يقوم جزء من الغذاء مقام جزء قد تلف وذلك الغذاء يتغير تغيرات حتى يصير دما في آخر الأمر ثم يصير لحما وعصبا.
ثم إن الغذاء جسم لا يتحرك ولا يتغير بأنفسها ومجرد الطبع لا يكفي في ترددها في أطوارها كما أن البر بنفسه لا يصير طحينا ثم عجينا ثم خبزا مستديرا مطبوخا إلا بصناع فكذلك لا يصير لحما وعظما وعرقا وعصبا إلا بصناع والصناع في الباطن هم الملائكة كما أن الصناع في الظاهر هم أهل البلد وأسبغ الله تعالى عليكم نعمه ظاهرة و باطنة.
فلا ينبغي أن تغفل عن نعمه الباطنة.
فأقول لا بد من الملائكة السبعة: ملك جاذب للغذاء إلى العضو وآخر ممسك له في جوار العضو وثالث يخلع عنه صورة الدم ورابع يكسوه صورة اللحم والعظم والعرق وغيرها وخامس يدفع الفضل الزائد من حاجة الغذاء وسادس يلصق ما اكتسى كسوة اللحم باللحم والعظم بالعظم حتى لا يكون منفصلا وسابع يرعى المقادير والنسب في الإلصاق.
بحث وتحقيق فإن قلت: فهلا فوضت هذه الأفعال إلى ملك واحد ولم احتاجت إلى