لم يمتنع اجتماعهما مع الماء وتحققهما فيه كما أشير إليه في قوله تعالى: أغرقوا فأدخلوا نارا.
فإن قلت: نحن لا نفهم الإنشاء النسبي للجنة والنار.
قلنا: ليس عندنا ما نفهمك حقيقة ما ذكرنا إلا هذه العبارات المجملة الواضحة معناها لمن هو أهله ومستحقه أو مثالا أو حكاية يزيدك إشعارا وتفهما وإن لم يزدك شعورا وفهما.
أما المثال فكالمرآة في وجود الصور المحسوسة فيها لمن قابلها فكذلك حكم المظاهر الجزئية للجنة والنار فكما أن ما بين قبر الرسول ص وبين منبره روضة من رياض الجنة بالقياس إلى كشفه ص وشهوده إياها كمرآة مجلوة نشاهد الصور فيها لمن قابلها ضربا من المقابلة فكذلك بعض المواضع المذكورة بمنزلة المرائي المنكشفة فيها بالقياس إلى بعض أصحاب الكشف والشهود. وأما الحكاية فقد رأينا في بعض كتب التواريخ أن أحدا من الرجال دخل بستانا فرأى رأسا من رؤس الناس معلقة عن الأشجار مكان الثمار فقيل له: إنها رؤس ملائكة الذين اعتوروه واحد بعد واحد.
فافهم إن كنت من أهل الفهم وإلا فأنت وشأنك والانسلاك مع أقرانك.
تبصرة وتكملة ومما يجب أن يعلم أن الجنة التي كان فيها آدم وزوجته دون الجنة الآخرة التي وعد المتقون.
لأن هذه لا يكون ظهورها إلا بعد بوار السماوات وانتهاء الدنيا. وبيان ذلك أنه لما كان المؤمن ابتداء حركة الرجوع إليه تعالى كان بين جنة البرزخ وجنة الأرواح وهي المسماة عند المحققين من أهل العرفان والشريعة موطن العهد ومنشأ أخذ الذرية مطابقة.
لأن حركات الوجود نزولا كحركاته صعودا على التعاكس بين السلسلتين وكل مرتبة من أحدهما غير نظيرته من الأخرى لا عينها وإلا لزم حصول الشيء الواحد مرتين من حيثية واحدة.
وقد أشارت الصوفية إلى هذا المعنى بقولهم: