الشمس لو كان متذوتة قائما بنفسه فهي مظلمة بذواتها مستضيئة بلمعان نوره الغير المتناهي شدة وقوة.
ولشدة نوريته وقوة إشراقه وإفراط ظهوره تتجافى عنه الحواس وتنبو منه القوى فلا تدركه الأبصار ولا تمثله الأفكار ولا تنفذ فيه الأوهام ولا تصل إلى إدراكه عقول الأنام.
تنبيه أ ما قرع سمعك ما تقرر في الفلسفة الأولى أن كل شيء حكم العقل أنه كمال لموجود من حيث هو موجود من غير تخصيصه بتجسم وتقدر وتركب وتكثر ويمكن على الموجود الحق بالإمكان العامي فيجب له لا محالة لأنه كلما فرضناه كمالا للموجود من حيث هو موجود ولا يوجب تجسما أو تركبا حتى يمتنع عليه ولا يمكن بالإمكان الخاص شيء عليه إذ ليس في ذاته جهة إمكانية فمثل ذلك الشيء واجب الحصول له تعالى.
وأيضا يمتنع أن يكون مفيض الكمال قاصرا عنه فيصير المستوهب أشرف من الواهب والمستفيد أكرم من المفيد إذ الفطرة تأباه.
فإذا كان العلم وغيره من الكمالات المضاهية له مما لا يوجب تخصيص الموصوف بها بتجسم وتكثر فلا يمتنع عليه تعالى.
ولما لم يكن في ذاته جهة جواز وقوة بل هناك وجوب صرف وفعلية محضة فيجب له لا محالة.
وحيث سبق أن مبدع الأشياء على الإطلاق هو ذاته تعالى ومن جملة ما يستند إليه هي الذوات العالمة والصور العلمية والمفيض لكل شيء أو في كل كمال غير متكثر لئلا يقصر معطي الكمال عنه فكان الواجب عالما وعلمه لا يزيد على ذاته كما مر.
فصل في علمه تعالى بما سواه:
قد تحقق في العلوم الكلية أن كلما علم علته التامة بكنهها أو بحيثية كونها علة