للتبدل في الأوضاع وهو الحركة. وكل قابل للحركة لا بد لحركته من مبدأ فاعلي إما قاسر أو طبيعية. وعلى التقديرين لا بد أن يكون في طبعه ميل. أما على الثاني فظاهر وأما على الأول فلأن الحركة القسرية لا يتحدد حالها من السرعة والبطوء إلا بمعاوق داخلي وميل طباعي كما بين في موضعه. ثم الحركة بالقسر لا يكون إلا إلى إحدى الجهتين من الوسط وإلى الوسط وكلاهما مستحيلان في الفلك لكونه محددا لهما بمركزه ومحيطه فلا يكون في طبعه ميل إليهما فوجب إذن أن يكون في طبعه ميل إلى الحركة حول الوسط وإذا كان كذلك فيستحيل أن يكون تحرك الفلك بالقسر ويستحيل أيضا أن يكون بالطبع المحض الخالي عن الإرادة لأن الميل الطبيعي هرب من موضع منافر للطبيعة لطلب موضع ملائم لها منافرة وملائمة جسمانيتين فلا جرم إذا وصل إلى ذلك الموضع الطبيعي استقر فيه واستحال أن يعود بالطبع إلى ما فارقه وما من وضع للسماء إلا ويعود إليه وهو زائد حائد على الدوام فلا يكون ذلك بالطبيعة بل بالإرادة والاختيار من غير أن يكون فيه قوة أخرى تخالف تلك القوة في اقتضاء الحركة كما في حركاتنا الإرادية المخالفة لما يقتضيه طبائع أبداننا ولأجل ذلك سماها المعلم الأول طبيعة وحركاتها طبيعية.
والإرادة لا تكون إلا مع تصور الغاية والتصديق بها تصديقا يقينيا أو ظنيا أو حكما تخيليا غير فصلي.
ومبدأ كل واحد من هذه الأمور مما سميناه نفسا وروحا.
إذ الجسم بما هو جسم من دون صورة مخصوصة وقوة زائدة على طبيعته المتحصلة ليس له شعور وإرادة.
والعبارة عن الصورة الشاعرة هي النفس.
فإذن حركة السماء نفسانية والسماء حيوان.
فصل في أن السماء إنسان كبير بمعنى أنه ليس مبدأ حركته قوة حيوانية منطبعة بل نفسا مجردا عن المادة ذات قوة