مصنوعاته بظهور ذواتها وهو العلم الإشراقي الشهودي.
قال: ومما يدل على أن هذا القدر كاف في العلم أن الإبصار إنما هو بمجرد إضافة ظهور الشيء للبصر مع عدم الحجاب فإن من لم يكن الرؤية عنده بانطباع أشباح المقادير في الجليدية ولا بخروج الشعاع عنها يلزمه أن يعترف بأن الإبصار بمجرد مقابلة المستنير للعضو الباصرة فيقع به إشراق حضوري للنفس لا غير.
فإذن إضافته تعالى لكل ظاهر إبصار وإدراك.
وتعدد الإضافات لا يوجب تكثرا في ذاته.
وكذا تجددها لا يوجب تغيرا في ذاته كما مر.
فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.
فهذه هي الطريقة للشيخ الإلهي في مسألة العلم.
ولا يخفى على الأزكياء وثاقتها وعظم شرفها في أسلوب المباحثة من دون الرجوع إلى الأمور المقربة للقدس من الخلوات والرياضات كما سلكه.
وبعد أن قرر هذه المسألة المهمة العظيمة بهذه الطريقة اللطيفة التي هي قرة عين الحكماء أورد على نفسه إشكالا:
وهو أنا إذا علمنا شيئا إن لم يحصل منه فينا أثر فحالنا قبل ذلك العلم وبعده واحد. فما كنا أدركناه.
وإن حصل فينا شيء فلا بد من مطابقته لذلك المدرك فيكون صورة.
ثم أجاب عنه بأن ذلك إنما يصح في العلم الارتسامي.
وأما العلم الحضوري الشهودي فإذا حصل فينا فلا بد من حصول شيء للمدرك مما لم يكن حاصلا له قبل ذلك وهو الإضافة الإشراقية فقط من غير افتقار إلى المطابقة الواجبة حصولها في العلوم الصورية.
وتقسيم العلم في أوائل المنطق إلى التصور والتصديق إنما هو في العلوم التي هي غير علم المجردات بذواتها وغير العلم بالأشياء التي يكفي في العلم بها مجرد الإشراق الحضوري.
فإنها ليست من المدركات التصورية والتصديقية.