الثاني أنه لو كان علمه تعالى بالأشياء بحصول صورها في ذاته تعالى فلا يخلو:
إما أن تلك اللوازم لوازم ذهنية له أو لوازم خارجية له أو لوازم له مع قطع النظر عن الوجودين.
لا سبيل إلى الأول والثالث.
إذ لا يتصور للواجب إلا نحو واحد من الوجود وهو الخارجي الذي هو عين ذاته تعالى واللوازم الخارجية لا يكون إلا حقائق خارجية لا ذهنية كما لا يخفى. إذ اللوازم من جهة اللزوم تابع للملزوم.
وذلك خلاف ما فرضناه لأن الجواهر الحاصلة في ذاته تعالى على الفرض المذكور يكون جواهر ذهنية. وكذا الأعراض الحاصلة فيه تعالى.
وإن كان الكل مما يعرض لها في الخارج مفهوم العرض كما سلف تحقيقه. فلا تذهل عنه.
الثالث أنه يلزم على ذلك التقدير صدور الكثرة من الواحد لأن المعلول الأول إذا كان صدوره عن المبدإ الأول كما يقتضيه قاعدتهم هذه مشروطا بسبق صورته فيلزم أن يكون الصورة الأولى علة لحصول اللازم المباين ولحصول صورة أخرى.
فيلزم أن يكون الواحد الحق باعتبار صورة واحدة وجهة واحدة يفعل فعلين مختلفين لا يقال: لعل ذاته من حيث ذاته علة لوجود المعلول الأول ومن حيث علمه بذاته علة لعلمه علمه بالمعلول الأول.
لأنا نقول: فعلى هذا انفسخ قولهم بأن علمه بالأشياء علة لوجود الأشياء.
إذ على التقدير المذكور وجود المعلول الأول وعلمه تعالى به في درجة واحدة. فلا يتقدم العلم على الإيجاد.
وما حداهم إلى إثبات الصورة في ذاته تعالى إلا كون علمه تعالى بكل شيء سببا لوجود ذلك الشيء في الأعيان على ما سبق ذكره.
فإذا لم يكن الصورة العقلية للمعلول الأول موجبا لوجوده فبطل أصل مذهبهم.
وأيضا إذا كان ذاته تعالى علة لذات المعلول الأول وعقله لذاته علة لعقله المعلول الأول على اعترافهم وعلى ما هو الحق في الواقع فلا يخلو: إما أن يكون ذاته تعالى وعقله لذاته شيئا واحدا أو حيثية واحدة أو لا يكون كذلك.
فعلى الثاني يلزم التكثر في ذاته وهو باطل.
وعلى الأول يلزم أن يكون وجود المعلول الأول وعقل الواجب له شيئا واحدا وحيثية واحدة بلا اختلاف.
إذ كما أن العلتين أمر واحد بلا اختلاف إلا