الشعور والعلم للفعل الناشي من نفس ذات العالم كاف في كونه إراديا وبمجرده يتحقق الاختيار.
ولا يلزم السبق الذاتي كما لا يلزم السبق الزماني على ما يدعيه المتكلمون.
فإن قلت: أليس مدار المعقولية والعاقلية عندهم على التجريد عن المادة فكيف يصير الأشخاص الجسمانية معقولة بأنفسها لا بالصور المنتزعة عن موادها قلت: ذلك إنما يكون في الأشياء التي لم يتحقق للعاقل بالقياس إليها علاقة وجودية وتسلط علي قهري وعدم احتجاب.
فإذا تحقق ما ذكر يكفي العاقلية بمجرد الإضافة الشهودية الإشراقية كما سبق.
وإلى هذا أشير بما يوجد في كلام بعضهم أن الشيء المادي والزماني بالنسبة إلى المبادئ غير مادي ولا زماني يعني به ارتفاع أثر المادة وأثر الزمان عنه وهو الخفاء والغيبة.
فقد علم بتمام ما ذكرناه في طريقة الإشراق أنها أسد الأقوال المذكورة في كيفية العلم الأول تعالى بالأشياء.
ولها قصور من جهة أن مناط العلم الأول تعالى بالأشياء لو كان نفس وجوداتها وظهوراتها لم يكن له علم كمالي لشيء ثابت له تعالى في حد ذاته بل يكون ذوات المجعولات (المعقولات خ. ل) صورا علمية له. وعالميته تعالى إضافته الشهودية.
ولا شك أن وجود الممكنات وإضافة الحق الأول إليها إنما يكون بعد مرتبة ذاته تعالى.
فلا يكون الواجب تعالى في مرتبة ذاته عالما بشيء غير ذاته تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وفيه سر عظيم.
وأما القول بأن الله تعالى يعلم جميع الأشياء بعلم واحد هو ذاته تعالى فبيانه أن الواجب الوجود لما كان عالما بذاته وذاته مبدأ لصدور جميع الأشياء يجب أن يكون عالما بجميع الأشياء علما متحققا في مرتبة ذاته مقدما على صدورها لا في مرتبة