بالأشياء علما فعليا ولا يكون صدور الأشياء عنه تعالى باختياره.
قلت: للعلم الفعلي عندهم صورتان:
الأولى أن يكون العلم سببا للمعلوم بالعرض ومقدما عليه تقدما ذاتيا كما إذا أراد بناء بناء بيت فتصور أولا صورته.
فقد أحدث البناء أولا صورة ذلك البيت في ذهنه ثم أوجد مثلها في الخارج على وفق تصوره.
الثانية أن يكون العالم بما هو عالم علة بالذات للمعلوم من حيث هو معلوم سواء كان أمرا ذهنيا أو عينيا.
فكما أن العالم بالصورة الأولى يعلم الصورة الذهنية بنفس اختراعها وليست معلومة بصورة أخرى بل نفس حصولها عنه في ذهنه نفس معلوميتها له كذلك العالم في الصورة الثانية يعلم العين الخارجي بإيجاده. وعلمه بالصورة الخارجية نفس إيجاده لها. (فالعلم بالصورة هناك تصورا وبالعلم هنا حضورا كلاهما علم فعلي والمعلوم معلوم بالذات والعلم... ق ل).
فالعلم بالعين في الصورة الأولى فعلي أيضا ولكن المعلوم معلوم بالعرض.
ففي الشق الأول الفاعل يصدر عنه فعله عن ذاته مع علم مكتسب زائد على ذاته.
وفي هذا الشق يصدر عنه فعله عن نفس بما هو ذات عالمة.
فالمبدأ الأعلى أوجد المعلول الأول من ليس وفي حال إيجاده علمه لا أنه تعالى علمه فأوجده حتى يلزم تكرر التعقلات الموجب للتسلسل في الارتسامات أو في الوجودات.
ولا أنه تعالى أوجده فعلمه ليلزم أن يكون علمه انفعاليا مستفادا من المعلوم بل أوجده عاقلا له أي نفس وجوده نفس معقوليته.
فإيجاد المبدإ الأعلى له عين العلم به وكذلك حكم البواقي من الممكنات.
فعلمه تعالى بالأشياء حضوري فعلي ولا يلزم أن يكون فاعلا موجبا لأن اقتضاء الشيء للشيء إن كان مع شعور بالشيء المقتضي فهو إرادة وإن كان بلا شعور فهو ميل طبيعي.
ولا فرق بين الميل الطبيعي والإرادة إلا أن الأول لا يقارن الشعور بخلاف الثاني.
والحاصل أن مقارنة