العقول والنفوس والأجرام الفلكية والعنصرية البسيطة منها والمركبة مع أعراضها اللازمة والمفارقة بحيث لا يقدح صدور هذه الكثرات والمركبات في وحدته الحقة وبساطته الصرفة كما سيأتي فجميع الموجودات في سلسلة الحاجة يرتقي إلى ذاته وذاته علة تامة لها ولعللها.
ونسبته إلى الجميع سواء كانت مفارقات أو ماديات نسبة واحدة إيجابية عقلية.
وليست فيه جهة إمكانية.
ولكل شيء وإن كان من الحوادث الزمانية بالنسبة إلى ذاته الذي هو فعلية صرفة نسبة وجوبية.
وإمكانه إنما هو بالقياس إلى ذاته وبالقياس إلى قابل ذاته.
وبالجملة ففاعليته وقيوميته لا يكون في شيء من المراتب بحسب القوة وكذا علمه بشيء من الأمور الممكنة الوقوع ليس ظنا لأن أسباب وجوب الممكن يرتقي إليه وهو يعرف الممكن بأسبابه التي بها يجب وجوده.
وفي كلامهم تنبيهات على هذا المعنى وتصريحات به لا نطول الكلام بذكرها.
وإذ قد علمت أن الواجب تعالى يعلم ذاته بذاته وذوات مجعولاته العينية بذواتها بما مر ذكره. وأن الإضافة القيومية إلى الأشياء هي بعينها الإضافة النورية الشهودية كما يقتضيه ذوق الإشراق.
فاعلم أنه كما أن كماله في إيجاده الأشياء هو بكونه من تمامية الوجود وفرط التحصل على نحو يفيض عنه جميع الموجودات والخيرات لا بانتسابها إليه وإضافته لها أي هذا المعنى النسبي إذ هي في مرتبة متأخرة عن مرتبة وجوده ومجده وعلوه.
بل الغاية في الإفاضة منه والإيجاد هي نفس ذاته المقدسة وهو غني في ذاته عما سواه.
فكذلك كماله في علمه ليس بنفس حضور ذوات الأشياء أو صورها عنده حتى يكون بحيث لو لم يكن ذواتها العينية أو صورها العلمية في مرتبة ذاته تعالى بل يكون في مرتبة متأخرة عن ذاته كما هي عليه في الواقع لزم كونه فاقد الكمال في مرتبة متأخرة عنها ليلزم استكماله بغيره بعد نقصه في حد ذاته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
بل كماله العلمي كونه في العاقلية على غاية يستتبع انكشاف ذاته بذاته على ذاته انكشاف ذوات الأشياء بذواتها على ذاته بناء على أن معلولاته من حيث إنها معلولاته معقولاته وبالعكس بلا تفاوت بالذات أو بالاعتبار.
وإنما التفاوت في اللفظ وبحسبه يقع التأخير والتقديم في التعبير