بحسب العبارة فكذلك المعلولان أمر واحد بالوجه المذكور من غير تغاير يقتضي مباينة أحدهما للأول واستقلاله في الوجود ومقارنة الثاني للواجب تعالى وحلوله فيه كما حققه العلامة الطوسي في شرح الإشارات.
الوجه الرابع في إبطال ذلك الطريق: هو أن علمه تعالى بالأشياء لو كان بالصور القائمة بذاته تعالى وكل صورة عقلية ولو تخصصت بألف تخصيص لا يمتنع لذاتها الشركة فيها.
لأن مناط الجزئية كما حقق في مقامه إما الإحساس أو العلم الحضوري.
فيلزم أن لا يعلم الجزئيات بجزئيتها لا الكائنات الفاسدات ولا الإبداعيات إلا بصورها الذهنية ولا ينكشف ذواتها عنده تعالى باعتبار وجودها العيني.
ونفي هذا النحو الشهود العيني عنه تعالى في غاية السخافة فإن جميع الموجودات الكلية والجزئية فائضة عنه وهو مبدأ لكل وجود عقليا كان أو حسيا ذهنيا كان أو عينيا. وفيضانها عنه لا ينفك عن انكشافها لديه كما مر ذكره.
فمن قال: إن الواجب تعالى لا يعلم الجزئيات إلا على وجه كلي. فقد بعد عن الحق بعدا كثيرا وإن لم يلزم تكفيره كما زعم بعضهم فإنه ما نفى عنه تعالى العلم بأمر من الأمور بل إنما نفى عنه نحوا من أنحاء العلم الذي هو العلم الحضوري. وليس هذا من ضروريات الدين.
ووصفه تعالى بالسميع والبصير وإن كان من ضروريات الدين لكن يمكن تأويله بالعلم بالمبصرات والمسموعات كما فعله جماعة من المتكلمين.
والعجب من العلامة الطوسي مع تفطنه بذلك الأصل المتين والقاعدة القويمة التي أشرنا إليه كيف لم يتم أعماله في انكشاف جميع الأشياء الصادرة عنه تعالى بذواتها.
بل اقتصر فيه على انكشاف العقول والصور العقلية للأشياء الكلية والجزئية عليه تعالى وجعل الصور القائمة بالجواهر العقلية مناطا لعلم الله تعالى بالماديات كما ستقف عليه وهو غير مرضي.
بل الحق اطراد الحكم بالانكشاف الشهودي على جميع الأشياء المبدعة والكائنة المعقولة والمحسوسة سواء كانت ذوات العقلاء أو علومهم وسواء كانت القوى الخيالية أو الحسية أو إدراكاتها الخيالية أو الحسية.
فإن جميعها إنما