أقول: فيه بحث من وجوه:
الأول أن العلم الإجمالي غير كاف لصدور الموجودات العينية عنه تعالى إلا عند من يجعل علمه بالأشياء الخارجية بمجرد الإضافة الإشراقية الوجودية والقائلون به جماعة أخرى غير المشائين وأتباعهم.
أ ولا ترى أن الشيخ الرئيس مع إثباته العلم الإجمالي الكمالي الذي هو عين ذاته كما يظهر بمراجعة كتبه لا يكتفي به لصدور الموجودات الخارجية عنه تعالى بل يثبت له الصور المفصلة العقلية.
الثاني أنه قد سبق أن علمه تعالى بتلك الصور القائمة بذاته عين إيجاده لها بلا اختلاف وأن العلم إذا كان عين الإيجاد والمعلوم عين المعلول لا حاجة في صدوره عن الفاعل بعلم وإرادة إلى علم سابق تفصيلي.
فلا يتأتى قوله وهذا قول بأن الله أبدع أشياء لا يعلمها..
الثالث أن قوله هذه الصور إما جواهر أو أعراض إلى آخره غير متوجه فإن جواهرها جواهر لكنها ليست جواهر بحسب الوجود العيني بل جواهر علمية. فلا يستدعي العلم بها صورة أخرى كما مر.
والكل باعتبار الوجود العلمي أعراض قائمة بذاته لكن ذاته لا يتأثر عنها ولا ينفعل بها كما سبق تصويره.
الرابع أن استدلاله على أن علم البارىء بهذه الصور ليس علما كماليا بكونه تابعا لفيضان تلك الصور غير صحيح لما سبق مرارا من أن علمه تعالى بتلك الصور عين فيضانها عنه لا أنه تابع لذلك.
وإن كان مراده أن نفس تلك الصور ليست كمالا له فنقول: من الذي أنكر هذا فإن الفلاسفة القائلين بالصور في علمه تعالى ينادون أن وجود تلك الصور ليس كمالا له بل كماله في أنه يتبع عقله لذاته عقله للأشياء الخارجة عن ذاته.
الخامس أن قوله فعلى تقدير انحصار العلم المقدم في فيضان الصور المنكشفة لزم أن لا يكون للذات علم هو كمال ذاتي. ليس بقادح فيما هم بصدده. إذ لا ينحصر