لا يكون كذلك فكأنا قلنا عقلت لأنها عقلت أو وجدت عنه لأنها وجدت عنه فهو باطل.
فجوابه ما وجد في كتب الشيخين أبي نصر وأبي علي تفصيا عن هذا من أن هذه الصور المعقولة نفس وجودها عنه نفس عقله لها لا تمايز بين الحالتين ولا ترتب لإحداهما على الأخرى فهي من حيث هي موجودة معقولة ومن حيث هي معقولة موجودة.
والحاصل أن إيجاده تعالى تلك الصور عين علمه بها فلا حاجة إلى إثبات علم آخر لأن كل إيجاد لا يكون نفس العلم فيحتاج في وقوعه عن الفاعل المختار إلى علم سابق وتصور يكون مبدأ ذلك الإيجاد.
وأما إذا كان نفس الإيجاد نفس العلم فلا يتوقف على علم آخر به يتحقق هذا العلم الذي هو نفس الإيجاد.
الثالث أنه يلزم على القول بارتسام الصور في ذاته تعالى على الترتيب العلي أن يكون ذاته منفعلا عن الصورة الأولى إذ هي علة استكماله تعالى بحصوله صورة ثانية.
لا يقال: الصور وإن كانت في ذاته فليست كمالا له.
لأنا نقول: هي من حيث كونها في ذاتها لما كانت ممكنة الوجود لا يكون حصولها بالفعل بل بالقوة.
ولا شك أن كون ذاته بالقوة نقصا لذاته وانتفاء القوة إنما يكون بوجودها. فيكون وجودها كمالا له. ومزيل النقص مكمل. فالصور السابق يكون مكملة وذاته مستكملة.
والمكمل أشرف من المستكمل مع أن ذاته أشرف من كل شيء جدا.
هذا حاصل ما ناقضهم صاحب المطارحات.
وأقول: فيه بحث أما أولا فلانتقاضه في صورة صدور الموجودات الخارجية عنه تعالى لإجراء خلاصة الدليل فيه كما يظهر بعد التأمل.
أما ثانيا فلأنا نقول: فعلية تلك الأشياء من جهة المبدإ ووجوبها مرتب على وجوبه وليس هناك فقد ولا قوة أصلا ولا لتلك الأشياء إمكان من الجهة المنسوبة إلى مبدئها الأعلى.
والانفعال إنما يلزم لو انتقل ذاته من معقول إلى معقول كما في العلوم