وعلى الأخير عدم الفائدة فيه.
بل المراد منه العلم بتمام حقيقتها التي هي بها علة تامة. بحيث أية حيثية أخرى وأي قيد آخر أخذ يكون خارجا عما هو العلة التامة وإلا لم يكن ما فرض علة تامة.
وهكذا يجري الكلام في انضمام الجهات والحيثيات التي لها مدخل في علته إلى أن ينتهي إلى شيء هو لذاته موجب تام.
فإذا كان ذلك الشيء لذاته بلا اعتبار آخر علة موجبا لمعلول فمتى علم بعلم تام علم كونه لذلك المعلول.
ومتى علم كونه علة لذلك المعلول وجب أن يحصل العلم بذلك المعلول.
والحاصل أن كل معلول من لوازم ماهية علته التامة بما هي علة تامة فكذلك العلم به من لوازم ماهية العلم بعلته.
فإن قيل: فيلزم أن يكون جميع المعلولات أمورا اعتبارية لما تقرر من أن لوازم الماهيات أمور اعتبارية.
قلت: الماهيات على ضربين: ماهيات هي غير الإنيات ولا مأخوذة معها شيء منها وماهيات هي نفس الإنيات أو مأخوذة معها شيء منها.
فلوازم الضرب الأول منها لا يكون إلا اعتبارية لعدم مدخلية الوجود في لزومها.
بخلاف الضرب الآخر منها فإنها لوازم الوجود الخارجي الذي هو عين الماهية أو معتبر فيها وهي محيثة به.
وإذا تمهدت هذه المقدمات فنقول: لما كان الواجب تعالى بوجوده الذي هو عين ذاته سببا تاما لوجودات جميع الممكنات وهو يعلم ذاته بمجرد وجوده الذي هو به علة فيجب أن يعلم منه معلولاته بما هي معلولاته أي بحسب كونها موجودة لا بمجرد ماهياتها من حيث هي هي مع قطع النظر عن خصوص وجوداتها.
لأنها من تلك الحيثية فقط من غير اعتبار الوجود معها ليست معلولة كما علمت من طريقتهم.
والعلم بها من حيث كونها صادرة موجودة في الخارج ليس إلا بنفس وجوداتها الخارجية لا بحصول ماهياتها في ذات العالم.
فعلمه تعالى بجميع الأشياء ليس إلا بحضورها أنفسها لا بحصول صورة مطابقة لها ذهنية.
فقد ثبت أن علمه بجميع الأشياء على الوجه الجزئي.