علمه تعالى عندهم في الصور بل يثبتون للباري علما كماليا هو عين ذاته وهو العقل البسيط الذي هو مبدأ المعقولات المفصلة.
وكيف ينكر أحد من معتبري الفلاسفة كون ذاته تعالى بحيث يصدر عنه المعقولات مفصلة سواء كانت عينية أو ذهنية كما ستعلم.
فهذه جملة من أقوال القادحين في تقرير رسوم المعقولات في ذاته تعالى مع ما سنح لنا من الدفع والإتمام والنقض والإبرام. وأما الذي أعتقده أنا صالحا لهدم هذه القاعدة فهو أمور:
الأول ما ألهمت به وهو أنا نقول أولا إن العلم التام بشيء من أنحاء الوجود لا يحصل إلا بمجرد حضور ذلك النحو من الوجود عند العالم دون حصول مثال له.
وبعبارة أخرى: أفراد الموجودات الخارجية بما هي تلك الأفراد بعينها لا يمكن حصولها في الذهن وإلا لزم أن يكون الموجود الخارجي من حيث هو موجود خارجي وجودا ذهنيا.
وأيضا لما علمت أن العلم الارتسامي إنما يكون بحصول صورة من ماهية الشيء في الذهن فلا بد من وحدة الماهية وانحفاظها وتعدد الوجود وهذا إنما يتصور إذا كانت تلك الماهية غير الوجود.
وثانيا إن التأثير والتأثر والعلية والمعلولية عند المحصلين من المشائين ليس إلا في أنحاء الوجودات.
بمعنى أن العلة من حيث وجودها مما يؤثر في المعلول من حيث وجوده.
لا أن ماهية العلة من حيث هي هي مع عدم اعتبار وجودها علة لماهية المعلول كذلك اللهم إلا في لوازم الماهيات التي هي أمور اعتبارية.
وثالثها أنه ليس معنى قولهم العلم التام بالعلة التامة يوجب العلم التام بالمعلول كما يظهر بالتأمل في برهانه أن العلم بماهية العلة التامة مطلقا يوجب العلم بالمعلول.
ولا أن العلم بها من جميع الوجوه والحيثيات واللوازم والملزومات والعوارض والمعروضات يوجبه حتى يرد على الأول أن ذلك لا يجري في غير لوازم الماهيات.
وعلى الثاني عدم الفرق بين العلة والمعلول في هذا الحكم