المحيط بالأرض وقد خلق الله حية على شاطئ ذلك البحر بين البحر والجبل دارت بجسمها بالبحر المحيط إلى أن اجتمع رأسها بذنبها فوقفنا عندها فقال لي صاحبي سلم عليها فإنها ترد عليك قال موسى فسلمت عليها فقالت وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثم قالت لي كيف حال الشيخ أبي مدين وكان أبو مدين ببجاية في ذلك الوقت فقلت لها تركته في عافية وما علمك به فتعجبت وقالت وهل على وجه الأرض أحد لا يحبه وجهها إنه والله مذ اتخذه الله وليا نادى به في ذواتنا وأنزل محبته إلى الأرض في قلوبنا فما من حجر ولا مدر ولا شجر ولا حيوان إلا وهو يعرفه ويحبه فقلت لها والله لقد ثم أناس يريدون قتله لجهلهم به وبغضهم فيه فقالت ما علمت إن أحدا يكون على هذه الحال فيمن أحبه الله فهذا من ذلك الباب ومنه شهادة الأيدي والأرجل والجلود والأفواه والألسنة التي هي في نظرنا خرس هي ناطقة في نفس الأمر فكل مخلوق ما عدا بني آدم في مقام الخشوع والتواضع إلا الإنسان فإنه يدعي الكبرياء والعزة والجبروت على الله تبارك وتعالى وأما الجن فتدعى ذلك على من دونها في زعمها من المخلوقين كاستكبار إبليس من حيث نشأته على آدم عليه السلام ولذا قال أسجد لمن خلقت طينا لأنه رأى عنصر النار أشرف من عنصر التراب وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فلم يتكبر على الله عز وجل فاختص الإنسان وحده من سائر المخلوقات بهذه الصفة فلما حصلت مثل هذه الدعوى في الوجود وتحققت من المدعي في نفسه وفيمن اعتقد ذلك فيه مثل فرعون ومن استخف من قومه جعل الله في الوجود أفعل من كذا بمعنى المفاضلة كالمقرر لتلك الدعوى والمثبت لها فقال الله أكبر فأتى بلفظة افعل وقال صلى الله عليه وسلم الله أعلى وأجل فأتى بأفعل فكل افعل من كذا المنعوت به جلال الله فسببه مشاركة الدعوى في تلك الصفة لكن منها محمود ومذموم فالمذموم ما ادعاه فرعون والمحمود مثل قوله تعالى عن نفسه إنه أرحم الراحمين وأحسن الخالقين فأتى بأفعل وأثنى على الرحماء من عباده بأن جعل نفسه أرحم منهم بخلقه وأما تقريره العام فإن الرحمة منهم حقيقة أوجدها فيهم فتراحموا بها وأوجد الكبرياء في الإنسان بالصورة فتكبر به فإن قلت إذا ورد أفعل فليس هو المقصود به أفعل من قلنا فالله يقول أحسن الخالقين وهو هنا افعل من بلا شك وكذلك في حق الإنسان لما قال تعالى أعطى كل شئ خلقه فكل موجود فهو على التقويم الذي يعطيه خلقه وقال في الإنسان إنه خلقه في أحسن تقويم أي التقويم الذي خلقه عليه أفضل من كل تقويم وما صحت له هذه الصفة التي فضل بها على غيره إلا بكونه خلقه الله على صورته فإن قلت فهذا التغيير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه وصورة الحق لا تقبل التغيير قلنا الله يقول في هذا المقام سنفرغ لكم أيها الثقلان وقال صلى الله عليه وسلم فرع ربك وقال يتجلى في أدنى صورة ثم يتحول عند إنكارهم إلى الصورة التي عرفوه فيها بالعلامة التي يعرفونها فقد أضاف إلى نفسه هذا المقام وهو العلي عن مقام التغيير بذاته والتبديل ولكن التجليات في المظاهر الإلهية على قدر العقائد التي تحدث للمخلوقين مع الآنات تسمى بهذا المقام وإذا كان الأمر على ما ذكرناه وكذلك هو فيصح ما ذكرناه ويرتفع الاعتراض الوهمي تعالى الله علوا كبيرا ومما يتضمن هذا المنزل من العلوم علم أسماء الأسماء وأن لها من الحرمة ما للمسمى بأسمائها فالحروف المرقومة في الصحف أعيان كلام يفهم منها كلام الله الذي هو موصوف به ولما ذا يرجع ذلك الوصف علم آخر اختلف الناس فيه ولا حاجة لنا في الخوض في ذلك فالحق سبحانه من كونه متكلما يذكر نفسه بأسمائه بحسب ما ينسب إليه الكلام الذي لا تكليف نسبته ولتلك الأسماء أسماء عندنا في لغة كل متكلم فيسمى بلغة العرب الاسم الذي سمي به نفسه من كونه متكلما الله وبالفارسية خداي وبالحبشية واق وبلسان الفرنج كربطور وهكذا بكل لسان فهذه أسماء تلك الأسماء وتعددت لتعدد النسب فهي معظمة في كل طائفة من حيث ما تدل عليه ولهذا نهينا عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو وهو خط أيدينا أوراق مرقومة بأيدي المحدثات بمداد مركب من عفص وزاج فلو لا هذه الدلالة لما وقع التعظيم لها ولا الحقارة ولهذا يقال كلام قبيح وكلام حسن في عرف العادة وفي عرف الشرع وأمثال ذلك وسببه مدلول هذه الألفاظ في الاصطلاح والوضع وهذا علم شريف لا يدركه سوى أهل الكشف على ما هو
(٦٨٣)