يستفيد الأستاذ من التلميذ أشياء من مواهب الحق تعالى لم يقض الله للأستاذ أن ينالها إلا من هذا التلميذ كما نعلم قطعا أنه قد يفتح للإنسان الكبير في أمر يسأله عنه بعض العامة مما لا قدر له في العلم ولا قدم ويكون صادق التوجه في هذا العلم المسؤول عنه فيرزق العالم في ذلك الوقت لصدق السائل علم تلك المسألة ولم تكن عنده قبل ذلك عناية من الله بالسائل وتضمنت عناية الله بالسائل إن حصل للمسئول علما لم يكن عنده ومن راقب قلبه يجد ما ذكرناه فالحمد لله الذي استفدنا من أولادنا مثل ما استفاده شيوخنا منا أمورا كانت أشكلت عليهم ويتضمن هذا المنزل علم التبليغ عن الله إلى خلقه من رسول ونبي ووارث ويتضمن علم السياسة في التعليم بباب اللطف من حيث لا يشعر المطلوب بذلك ويتضمن علم الجزاء المطلق والمقيد فالمطلق مجازاة العبد ربه مثل الشكر على المنعم ومجازاة الله العبد مثل المزيد فيما وقع عليه الشكر من العبد والمجازاة المقيدة هي جزاء الله العبد في الدار الآخرة فإنها ليست بدار تكليف قال تعالى وأوفوا بعهدي في موطن التكليف وهو الدنيا أوف بعهدكم في الدارين معا دنيا وآخرة وهذا القدر كاف في هذا الباب إن شاء الله تعالى والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والتسعون ومائتان في معرفة منزل ثناء تسوية الطينة الإنسية في المقام الأعلى من الحضرة المحمدية) تنزه أيها الخلق المسوي * على صفة المسوي بالسواء ولا تنظر إلى ما حال منه * وجاء به الرسول من السماء فإن خفت الرجاء أيدت فيه * بما تعطيه مأمنة الرجاء سليمانية وقفت أمامي * أقيم بها رخاء من رخاء وقفت على الصفا أعنو لسر * إلهي بمنزلة الصفاء وعانقت الغزالة في سناها * لا علو فوق منزلة السهاء وجاوزت العقول بغير حد * وخضت حيا النفوس على حياء قال الله تعالى وإن من شئ إلا يسبح بحمده فما من صورة في العالم وما في العالم إلا صور إلا وهي مسبحة خالقها بحمد مخصوص ألهمها إياه وما من صورة في العالم تفسد إلا وعين فسادها ظهور صورة أخرى في تلك الجواهر عينها مسبحة لله تعالى حتى لا يخلو الكون كله عن تسبيح خالقه فتسبحه أعيان أجزاء تلك الصورة بما يليق بتلك الصورة والصور التي في العالم كلها نسب وأحوال لا موجودة ولا معدومة وإن كانت مشهودة من وجه ما فليست بمشهودة من وجه آخر وعين زمان فناء تلك الصور عين زمان وجود تلك الصور أي عين فسادها هو عين الأخرى لا أنه بعد الفساد تحدث الأخرى واعلم إذا علمت هذا أن العالم كله ما عدا الإنس والجان مستوفى الكشف لما غاب عن الإحساس البشري فلا يشاهد أحد من الجن والإنس ذلك الغيب إلا في وقت خرق العوائد لكرامة يكرمه الله بها أو خاصية أمر ما من الأمور التي تعطي كشف الغيوب كما إن كل جماد ونبات وحيوان في العالم كله وفي عالم الإنسان والجن وأجسام الملائكة والأفلاك وكل صورة يدبرها روح محسوسا كان ذلك التدبير فيمن ظهرت حياته أو غير محسوس فيمن بطنت حياته كأعضاء الإنسان وجلوده وما أشبه ذلك كل هؤلاء في محل كشف الغيوب الإلهية المستورة عن الأرواح المدبرة لهذه الأجسام من ملك وإنس وجن لا غير فإنها محجوبة عن إدراك هذا الغيب الإلهي إلا بخرق عادة في بعضهم أو في كلهم وقد عرفت أن الحجر والحيوان والنبات عرف من هذا الباب نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهو من الغيوب الإلهية فيجهل كل روح مثل هذا إلا أن يعرفه الله به إلا من ذكرناهم فإنهم يعرفونه بالفطرة التي فطرهم الله عليها إذا ظهر ناداهم الحق به في ذواتهم باسمه وإذا حضر بعينه أخبرني يوسف ابن يخلف الكومي من أكبر من لقيناه في هذا الطريق سنة ست وثمانين وخمسمائة رحمه الله قال أخبرني موسى السرداني وكان من الأبدال المحمولين قال لما مشيت أنا ورفيقي إلى الجبل المسمى قاف وهو جبل محيط بالبحر
(٦٨٢)