إبلاغ مجموع الأحكام وبه إكمال الدين وإتمام الإنعام وأنه هو الحكم الذي كان صعبا ثقيلا على الأقوام من تعيين مصداق الأصل الخامس من أصول (1) دين الاسلام بنصب
علي (ع) وإظهار إمامته ووجوب طاعته على الأنام لما علم أن قلوب القوم كان مملؤة من بغض
علي (ع) بقتله لآبائهم وإخوانهم وأولادهم وأقاربهم في غزوات
النبي (ص) كما تضمنته الرواية السابقة من
الثعلبي وغيره من الأعلام، فكأنه تعالى قال: بلغ ما أنزل إليك من الأمر الايجابي الفوري في تعيين علي للإمامة، فإن لم تفعل وأهملت فيه كنت كمن لا يبلغ الكل، ونظير ذلك أن المكلف بجميع ما جاء به النبي لو لم يؤمن بجميع ما جاء به وآمن بالبعض دون البعض الآخر كان كمن لم يؤمن بشئ مما جاء به، ثم إنه تعالى لما علم أن ذلك الخطب كان صعبا على
النبي (ص) حذرا من أضغان القوم قال لتوطين
النبي (ص) وتسليته وعدم مبالاته منهم والله يعصمك من الناس فقد تم النص واندفع الاحتمال الذي قصد الشقي الخناس أن يوسوس به في صدور عوام الناس (2)، وثالثا أن ما أشار إليه الناصب بقوله: وساواه في
وجوب الولاية والنصرة والمحبة الخ من أن المولي ليس بمعنى الأولى بالتصرف بل بمعنى المحبة والنصرة يرجع إلى منع المقدمة التي استدل عليها المصنف بقول ألست أولى الخ فلا يكون مسموعا نعم قد عارض ذلك صاحبها المواقف (3) بما في آخر الحديث من قوله (ص) اللهم وال من والاه وبأن مفعل بمعنى أفعل لم يذكره أحد من الأئمة العربية وبأن الاستعمال أيضا يدل على أن المولى ليس بمعنى الأولى لجواز أن يقال هو أولى من كذا وأن يقال أولى الرجلين وأولى الرجال دون مولى الرجلين ومولى الرجال
____________________
(1) قد تقدم إثبات كون الإمامة من أصول الدين في أول مباحث الإمامة.
(2) اقتباس من قوله تعالى في سورة الناس.
(3) ج 2 ص 472 ط مصر.