إنائي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري ثم قالوا إلا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق تمنعه فاصبر مغموما أو مت فنظرت فإذا ليس لي راقد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي فظننت بهم عن المنية فأغضيت على القذى وجرعت ريقي على الشجى وصبرت من
كظم الغيظ على أمر من العلقم وآلم للقلب من حز الشفار انتهى كلامه (ع)، وكذا قلنا إن النص كان بمرأى من الناس وبمسمع من الأنصار لكن لم نقل: إنه لم يمكنهم أن يشبهوا الأمر على الناس وعلى الأنصار بالوجوه التي وقع عليها الاشعار، وأما قوله: والأنصار لم يكونوا يرجحون أبا بكر على
علي (ع) ففيه دليل واضح على أن ترجيح قريش لأبي بكر على
علي (ع) كان من محض العداوة والعناد، وأما ما ذكره من أن الأنصار كانوا الجند الغالب فغير مسلم ولو سلم فقد علم
النبي (ص) ما يؤل حالهم إليه بعد وفاته من خذلان بعضهم لبعض كما مر فضلا عن خذلان
علي (ع) وأما ثامنا فلأن إعانة عباس والزبير لم تكن وافية في دفع جمهور قريش، وأبو سفيان كان منافقا ولم يكن غرضه من قوله ذلك إلا إثارة الفتنة لا نصرة
علي (ع) وحيث علم
علي (ع) ذلك أعرض عنه وقال له ما حاصله: إنك من أهل النفاق لا يعبأ بكلامك، ولهذا أيضا لما سمع أبو بكر وعمر كلامه
لعلي (ع) في ذلك استألفوه واستمالوه بتولية ابنه يزيد (1) على
الشام فسكت وصار من أعوانهم وأنصارهم، مع أن ذلك الأقوال من عباس والزبير وأبي سفيان إنما كان بعد اتفاق جمهور قريش والأنصار على بيعة أبي بكر فلتة (2) وكان النزاع بالحرب معهم مؤدبا إلى الفساد، وأما تاسعا فلأن ما ذكره من أن أبا بكر عند الشيعة شيخ ضعيف جبان لا مال له الخ مسلم وما عندهم حق، إذ لا ريب لأحد في
____________________
(1) المراد به يزيد بن أبي سفيان أخو معاوية.
(2) قد سبق منا في التعاليق السابقة أن هذه العبارة صدرت من عمر وأكثر قريش مرارا بالنسبة إلى سلطة أبي بكر فراجع.