بان هذا المنام لنا لا علينا فان كتاب الألفين يشتمل على ألف دليل لاثبات مذهبنا وألف دليل لابطال مذهب غيرنا. كما تشبث بهذا المنام الملا محمد امين الأسترآبادي الاخباري المذكور في فوائده بحمل ذلك المنام على تأليف العلامة في أصول الفقه الذي لا يرتضيه الاخبارية. ونحن نقول: ان هذا المنام مختلق مكذوب على العلامة وامارة ذلك ما فيه من التسجيع مع أن العلامة اما مأجور أو معذور وتأليفه في علم أصول الفقه من أفضل اعماله. ولا يستند إلى المنامات الا ضعفاء العقول أو من يروجون بها نحلهم وأهواءهم.
مكاتبة بين القاضي البيضاوي والمترجم في مسالة أصولية فقهية في الرياض: قد اشتهرت مكاتبة بين العلامة المترجم والقاضي البيضاوي المعاصر له في مسالة أصولية تتعلق بكتاب قواعد الأحكام للعلامة ولما كان فيها بعض الفوائد أوردتها هنا فأقول: ذكر جماعة من العلماء منهم الآقا رضى القزويني في كتاب لسان الخواص صورة هذه المكاتبة هكذا: خطاب القاضي للعلامة نقل ان القاضي البيضاوي لما وقف على ما أفاده العلامة الحلي في بحث الطهارة من القواعد بقوله ولو تيقنهما اي الطهارة والحدث وشك في المتأخر فإن لم يعلم حاله قبل زمانهما تطهر والا استصحب كتب القاضي بخطه إلى العلامة: يا مولانا جمال الدين أدام الله فواضلك أنت امام المجتهدين في علم الأصول وقد تقرر في الأصول مسالة اجماعية هي ان الاستصحاب حجة ما لم يظهر دليل على رفعه ومعه لا يبقى حجة بل يصير خلافه هو الحجة لان خلاف الظاهر إذا عضده دليل صار هو الحجة وهو ظاهر والحالة السابقة على حالة الشك قد انتقضت بضدها فإن كان متطهرا فقد ظهر انه احدث حدثا ينقض تلك الطهارة ثم حصل الشك في رفع هذا الحدث فيعمل على بقاء الحدث بأصالة الاستصحاب وبطل الاستصحاب الأول وان كان محدثا فقد ظهر ارتفاع حدثه بطهارته المتأخرة عنه ثم حصل الشك في ناقض هذه الطهارة والأصل فيها البقاء وكان الواجب على القانون الكلي الأصولي ان يبقى على ضد ما تقدم انتهى.
جواب العلامة للقاضي فأجاب العلامة بقوله: وقفت على إفادة مولانا الامام أدام الله فضائله وأسبغ عليه فواضله وتعجبت من صدور هذا الاعتراض عنه فان العبد ما استدل بالاستصحاب بل استدل بقياس مركب من منفصلة مانعة الخلو بالمعنى الأعم عنادية وحمليتين وتقريره انه ان كان في الحالة السابقة متطهرا فالواقع بعدها اما ان يكون الطهارة وهي سابقة على الحدث أو الحدث الرافع للطهارة فتكون الطهارة الثانية بعده ولا يخلو الامر منهما لأنه صدر منه طهارة واحدة رافعة للحدث في الحالة الثانية وحدث واحد رافع للطهارة وامتناع الخلو بين ان يكون السابقة الطهارة الثانية أو الحدث ظاهرا ويمتنع ان يكون الطهارة السابقة والا كانت طهارة عقيب الطهارة فلا تكون طهارة رافعة للحدث فإذا امتنع تقدمها على الحدث وجب تأخرها عنه وان كان في الحالة السابقة محدثا فعلى هذا التقدير اما ان يكون السابق الحدث أو الطهارة والأول محال والا كان حدث عقيب حدث فلم يكن رافعا للطهارة والتقدير ان الصادر حدث واحد رافع للطهارة فتعين ان يكون السابق هو الطهارة والمتأخر هو الحدث فيكون محدثا فقد ثبت بهذا البرهان ان حكمه في هذه الحالة موافق للحكم في الحالة الأولى بهذا الدليل لا بالاستصحاب والعبد انما قال استصحبه اي عمل بمثل حكمه انتهى كلام العلامة. ثم أنفذه اليه إلى شيراز فلما وقف القاضي البيضاوي على هذا الجواب استحسنه جدا واثنى على العلامة.
والوجه في ذلك ان العلامة في القواعد قال ولو تيقنهما متحدين متعاقبين وفسر كاشف اللثام قوله متعاقبين بقوله اي كل طهارة من متعلق الشك عقيب حدث لا طهارة أخرى وكل حدث منه عقيب طهارة لا حدث آخر انتهى. وبذلك يرتفع اعتراض صاحب الرياض بان عبارته في القواعد ليست صريحة في اختصاص الحكم بها لما كان لقوله متعاقبين فائدة بل كان لغوا ولا حاجة إلى الجواب بان المتبادر من معنى الطهارة الرافعة ومن معنى الحدث الناقض. ولكنه على هذا الفرض يكون الشك في أنه الآن محدث أو متطهر انما هو في أول الأمر وقبل التأمل والا فإنه بعد التأمل يقطع بأحدهما ويرتفع شكه وهذا ليس محط انظار العلماء بل محط انظارهم ما إذا تيقن الطهارة والحدث وشك في السابق ولم يعلم الحالة السابقة أو علمها والأقوى انه ان علم الحالة السابقة بنى على ضدها وان لم يعلمها بنى على الحدث والتفصيل في محله.
العلماء في عصره في الرياض: نقل انه كان في الحلة في عصر العلامة أو غيره أربعمائة مجتهد في عصر واحد أو أربعون مجتهدا انتهى أقول: وجود أربعمائة مجتهد في بلد واحد في عصر واحد مبالغ فيه الا ان يراد بالعصر القرن وببالي انهم ذكروا انه وجد في عصر الشهيد جنازة أربعون مجتهدا.
تقسيمه الحديث إلى اقسامه المشهورة اعلم أن تقسيم الحديث إلى اقسامه المشهورة كان أصله من غيرنا ولم يكن معروفا بين قدماء علمائنا وانما كانوا يردون الحديث بضعف السند ويقبلون ما صح سنده وقد يردونه لأمور أخر وقد يقبلون ما لم يصح سنده لاعتضاده بقرائن الصحة أو غير ذلك ولم يكن معروفا بينهم الاصطلاح المعروف في اقسام الحديث اليوم وأول من استعمل ذلك الاصطلاح العلامة الحلي فقسم الحديث إلى الصحيح والحسن والموثق والضعيف والمرسل وغير ذلك وتبعه من بعده إلى اليوم وعاب عليه وعلى سائر المجتهدين ذلك الأخباريون لزعمهم ان جميع ما في كتب الاخبار صحيح مع أن نفس أصحاب الكتب الأربعة قد يردون الرواية بضعف السند وبالغ بعض متعصبة الاخبارية فقال هدم الدين مرتين ثانيتهما يوم احدث الاصطلاح الجديد في الاخبار وربما نقل عن بعضهم جعل الثانية يوم ولد العلامة الحلي وهذا كله جهل فاضح ساعد عليه تسويل إبليس وضعف التقوى فأصحابنا لم يريدوا ان يكونوا محرومين من فائدة تقسيم الحديث إلى اقسامه ولا ان يمتاز غيرهم بشئ عنهم فقسموا الحديث إلى اقسامه المشهورة وتركوا للمجتهد الخيار فيما يختاره منها ان يكون مقبولا عنده فمن عابها بذلك هو أولى بالعيب والذم.
مشايخه في القراءة والرواية قرأ على جم غفير من علماء عصره من العامة والخاصة 1 والده سديد الدين يوسف ويروي عنه إجازة 2 خاله المحقق الحلي صاحب