أقوال غيرنا فيه في الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني: الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي جمال الدين الشهير بابن المطهر الأسدي يأتي في الحسين ثم قال هناك: الحسين بن يوسف بن المطهر الحلي المعتزلي جمال الدين الشيعي وأقول لعل وصفه بالأسدي اشتباه فلم نجد من وصفه بذلك من أصحابنا وسماه تارة الحسن وتارة الحسين ورجح انه الحسين وهو اشتباه بل هو الحسن بغير ياء قطعا ووصفه بالمعتزلي الشيعي وهذا مبني على موافقة المعتزلة الشيعة في بعض الأصول المعروفة كما وقع لكثيرين في كثيرين والا فأين الشيعي من المعتزلي ونقل مصحح النسخة المطبوعة من الدرر عن هامش الأصل ان فيه الامامي شارح مختصر المنتهى وغيره العالم الكبير انتهى قال: ولازم النصير الطوسي مدة واشتغل في العلوم العقلية فمر فيها وصنف في الأصول والحكمة وكان صاحب أموال وغلمان وحفدة وكان رأس الشيعة بالحلة واشتهرت تصانيفه وتخرج به جماعة وشرحه على مختصر ابن الحاجب في غاية الحسن في حل ألفاظه وتقريب معانيه في فقه الامامية وكان قيما بذلك داعية اليه وله كتاب في الإمامة رد عليه فيه ابن تيمية بالكتاب المشهور وقد أطنب فيه وأسهب وأجاد في الرد الا انه تحامل في مواضع عديدة ورد أحاديث موجودة وان كانت ضعيفة بأنها مختلفة وإياه عنى الشيخ تقي الدين السبكي بقوله:
وابن المطهر لم تطهر خلائقه * داع إلى الرفض غال في تعصبه ولابن تيمية رد عليه به * أجاد في الرد واستيفاء أضربه قال: وله كتاب الاسرار الخفية في العلوم العقلية وبلغت تصانيفه مائة وعشرين مجلدة فيما يقال ولما وصل اليه كتاب ابن تيمية في الرد عليه كتب أبياتا أولها:
لو كنت تعلم كل ما علم الورى * طرا لصرت صديق كل العالم الأبيات وقد اجابه الشمس الموصلي على لسان ابن تيمية ويقال انه تقدم في دولة خربندا وكثرت أمواله وكان مع ذلك في غاية الشح وحج في أواخر عمره وتخرج به جماعة في عدة فنون انتهى.
وفي كلام ابن حجر هذا مواقع للنظر وأمور محتاجة للشرح والاكمال فهو قد انصف بعض الإنصاف في قوله ان ابن تيمية تحامل في مواضع عديدة ورد أحاديث موجودة بأنها مختلقة لكنه ما انصف في قوله انها ضعيفة فان فيها المتواتر والمستفيض وما روته الثقات وأودعته في كتبها الرواة.
والصواب ان ابن تيمية بلغ به التحامل إلى انكار متواتر الاخبار ومسلمات التاريخ. وقد خطر بالبال عند قراءة ابيات السبكي التي نقلها هذه الأبيات:
لا تتبع كل من ابدى تعصبه * لرأيه نصرة منه لمذهبه بالرفض يرمي ولي الطهر حيدرة * وذاك يعرب عن أقصى تنصبه كن دائما لدليل الحق متبعا * لا للذي قاله الاباء وانتبه وابن المطهر وافى بالدليل فان * أردت ادراك عين الحق فائت به ان السباب سلاح العاجزين * وبالبرهان ان كان يبدو كل مشتبه والشتم لا يلحق المشتوم تبعته * لكنه عائد في وجه صاحبه وابن المطهر قد طابت خلائقه * داع إلى الحق خال من تعصبه ولابن تيمية رد عليه وما * أجاد في رده في كل أضربه حسب ابن تيمية ما كان قبل جرى * له وعاينه من أهل مذهبه في مصر أو في دمشق وهو بعد قضى * في السجن مما رأوه من مصائبه مجسم وتعالى الله خالقنا * عن أن يكون له بالجسم من شبه بذاك صرح يوما فوق منبره * بالشام حسبك هذا من معائبه الله ينزل من فوق السماء كما * نزلت عن منبري ذا من عجائبه قد شاهد ابن جبير ذاك منه على * مسامع الخلق أقصاه وأقربه والابيات التي أرسلها العلامة إلى ابن تيمية وجوابها الذي أجاب به الشمس الموصلي قد نقلها ابن عراق في تذكرته فيما حكاه عنه صاحب مجالس المؤمنين فقال: قال الشيخ نور الدين علي بن عراق المصري في تذكرته ان الشيخ تقي الدين بن تيمية كان معاصرا للشيخ جمال الدين ويتكلم على الشيخ جمال الدين في غيابه فكتب اليه الشيخ جمال الدين:
لو كنت تعلم كلما علم الورى * طرا لصرت صديق كل العالم لكن جهلت فقلت ان جميع من * يهوى خلاف هواك ليس بعالم فكتب الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي في جوابه هذين البيتين:
يا من يموه في السؤال مسفسطا * ان الذي ألزمت ليس بلازم هذا رسول الله يعلم كلما * علموا وقد عاداه جل العالم قال المؤلف السفسطة هي من الشمس الموصلي فالعلامة يقول إن ردك علي لجهلك بما أقول وعدم فهمك إياه على حقيقته فلو علمت كل ما علم الورى ووصل اليه علمهم من الحق لكنت تذعن لهم ولا تعاديهم لكنك جهلت حقيقة ما قالوا فنسبت من لا يهوى هواك منهم إلى الجهل فهو نظير قول القائل:
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني * أو كنت اعلم ما تقول عذلتكا لكن جهلت مقالتي فعذلتني * وعلمت انك جاهل فعذرتكا فأين هذا من نقضه السوفسطائي بان رسول الله ص يعلم كل ما يعلمه الناس وقد عاداه جل الناس. ولما اطلعت على بيتي الموصلي خطر بالبال هذان البيتان:
أحسنت في التشبيه كل معاند * لولي آل المصطفى ومقاوم مثل المعاند للنبي محمد * والحق متضح لكل العالم اما نسبته إلى غاية الشح فلا تكاد تصح ولا تصدق في عالم فقيه عظيم عرف مذام الشح وقبحه فهو ان لم يكن سخيا بطبعه فلا بد ان يتسخى بسبب علمه مع اننا لم نجد ناقلا نقلها غيره. وليس الباعث على هذه النسبة الا عدم ما يعاب به في علمه وفضله وورعه وتقواه فعدل إلى العيب بالشح الذي لم تجر عادة بذكره في صفة العلماء بل ولا بذكر الكرم والسخاء غالبا.
وفي لسان الميزان ذكره بعنوان الحسين بالياء ابن يوسف بن المطهر الحلي وقال عالم الشيعة وامامهم ومصنفهم وكان آية في الذكاء شرح مختصر ابن الحاجب شرحا جيدا سهل المأخذ غاية في الايضاح واشتهرت تصانيفه في حياته وهو الذي رد عليه الشيخ تقي الدين بن تيمية في كتابه المعروف بالرد على الرافضي وكان ابن المطهر مشتهر الذكر حسن الاخلاق ولما بلغه