الناصر وسوء مجازاة المترجم له وهذه الحكاية مرت في ترجمة الناصر ونحن نقلناها هناك عن تاريخ طبرستان وننقلها هنا عن تاريخ رويان وربما كان بين المنقولين فرق قال ارسل الناصر الكبير الحسن بن القاسم إلى طرف كيلان ليأتي بملوك كيلان وديلمان إلى أمل فيظهروا الطاعة وكان هؤلاء الملوك والامراء في ذمتهم أموال وقصروا في أدائها فاتفقوا مع الحسن بن القاسم وبايعوه وشرطوا عليه ان يقبض على الناصر الكبير ويأخذ منه القبالات التي عليهم فلما وصلوا إلى آمل ذهب الحسن بن القاسم إلى المصلى ولم يذهب إلى الناصر وذهب في بعض الأيام مع أصحابه إلى الناصر فخاف منه الناصر وخرج من باب آخر وركب وأراد ان يذهب إلى هناك إلى قلعة لارجان ونهب عسكر الحسن بن القاسم دار الناصر وحرمه إلى أن ركب الحسن بن القاسم وحمل على جماعة بالرمح ليتخلوا عن الحرم فلم يقدر وأنزلوه عن جواده وقامت الحرب فلام أهل آمل عسكر الناصر وقالوا أنتم قوم تفعلون مثل هذا مع امامكم لا يوجد في الدنيا أردأ منكم وذهب ليلى بن النعمان مع عوام البلد إلى دار الحسن بن القاسم وأغلظوا له في الكلام واخذوا خاتمه من إصبعه قهرا وأرسلوه إلى لارجان وأحضروا الناصر فقام الحسن بن القاسم وذهب إلى ميلة فذهب الناس اليه وأحضروه إلى عند الناصر فلم يتغير عليه ولم يسوءه وقال قد عفوت عنه وأذن له ان يذهب إلى كيلان وبعد مدة شفع فيه أبو الحسين أحمد بن الناصر واتى به إلى الناصر فزوجه الناصر بنته وولاه على كركان وبعث معه ابنه أبا القاسم جعفر بن الناصر فكان كلاهما في كركان إلى أن جاء الترك مع ولده وكان أبو القاسم جعفر نافرا من الحسن بن القاسم فتركه وذهب إلى ساري فلم يستطع الحسن بن القاسم مقاومة الأتراك فذهب إلى قلعة كجين على حدود استراباد وحاصره الأتراك كل الشتاء حتى أن بعض الناس سقطت أيديهم وأرجلهم من شدة البرد وهذه القلعة باقية من عهد شابور ذي الأكتاف فلما اشتد الحصار على الحسن بن القاسم خرج من القلعة مع عدة أنفس وحمل على صف الترك فأفرجوا له فخرج وجاء إلى عند الناصر اه وستعرف ان الناصر جعله ولي عهده وقدمه على أولاده فانظر الفرق بين ما فعله الناصر الكبير هذا مع الحسن بن القاسم من العفو والاحسان وما فعله الداعي الكبير الحسن بن زيد مع الحسن بن محمد العشيقي ابن خالته حين ولاه الداعي سارية فلبس السواد وخطب للخراسانية وامنه بعد ذلك ثم اخذه وصرب عنقه صبرا ودفنه بمقابر اليهود كما مر في ترجمة الحسن بن زيد وإساءة العقيقي مع الحسن بن زيد ربما تستوجب ذلك في عرف الملوك والامراء لكن الغرض بيان الفرق بين الداعي والناصر في العفو.
تولية الحكم بعد الناصر الكبير وما جرى له إلى أن قتل لما توفي الناصر الكبير الحسن بن علي سنة 304 انتصب المترجم له في منصبه ويظهر من جملة من المؤرخين ان ذلك كان بوصية من الناصر الكبير وقد صرح به صاحب تاريخ طبرستان اما صاحب تاريخ رويان فلا يدل كلامه على أن ذلك كان بوصاية من الناصر الكبير ولعل وصايته اليه كانت لما رأى فيه من الكفاءة وجعل أبا الحسين أحمد بن الناصر صاحب الجيش شريكا معه في الحكم ولعله بقي على قيادة الجيش كما كان زمان أبيه الناصر ولما سلم أبو الحسن احمد الحكم إلى الداعي الصغير امتعض من ذلك أبو القاسم جعفر بن الناصر وجرت بسببه حروب بينه وبين الحسن ابن القاسم كما ستعرف وكان أبو القاسم جعفر هذا مباينا لأبيه وتقدم في ترجمة أبيه جوابه البذئ الذي اجابه به وكان أحد أسباب تنحيته عن الحكم وسيأتي في ترجمته انه هجا أباه والزيدية وبئسما فعل وفي تاريخ طبرستان ما ترجمته: لما حضرت الناصر الكبير الوفاة ارسل ولده أبو الحسين احمد صاحب الجيش الذي كان امامي المذهب إلى كيلان واحضر الحسن بن القاسم المعروف بالداعي الصغير الذي كان صهر الناصر وجعل الحكم والسلطنة لهما فاعترض أبو القاسم جعفر بن الناصر الكبير على أخيه وقال لأي شئ تعطي ملكي وميراثي إلى الغير فتحرمني منه وتحرم نفسك فاجابه أخوه أبو الحسن وقال أليس أبي الذي هو أعرف مني ومنك جعله ولي عهده وانا وان كنت في أول الأمر متنفرا منه لكن لما علمت أنه في هذا العمل أولى وأنسب رجعت اليه فأنت أيضا يلزم ان ترضى بذلك فلم يسمع اخوه وغضب وفي تاريخ رويان لما توفي الناصر الكبير ارسل ولده أبو الحسين احمد صاحب الجيش إلى كيلان فاحضر الحسن القاسم المعروف بالداعي الصغير صهر الناصر وأعطاه السلطنة فغضب أبو القاسم جعفر بن الناصر من أخيه وقال لأي شئ تعطي ملكنا المورث لنا إلى الغير وتحرم نفسك وتحرمني منه قالا معا: وذهب إلى الري إلى عند محمد بن صعلوك وطلب منه عسكرا وجاء إلى آمل وخطب باسم صاحب خراسان وضرب السكة باسمه وجعل شعاره السواد ورايته سوداء فهرب الداعي الصغير حسن بن قاسم إلى كيلان وبقي هناك سبعة أشهر واستولى على الخراج باستقصاء فحصل على الرعية ضيق وجمع عسكرا من الكرد والكيل والديلم وجاء إلى آمل واظهر العدل والإنصاف وبنى دارا في مصلى البلد وامر السادات ان يبنوا دورا هناك حتى لا يحصل منهم ضيق على أهل البلد وصالحه اصفهبد شروين أو شهروين ملك الجبال واصفهبد شهريار. وبعد ذلك عزم أبو الحسين أحمد بن الناصر الكبير على مقاومته ونفر منه وذهب إلى كيلان وانضم إلى أخيه أبي القاسم جعفر بن الناصر وحين جاء الداعي الصغير إلى آمل جمع أهل خراسان عسكرا وجاءوا إلى طبرستان فصار الداعي في شدة من الجانبين فهرب والتجأ إلى اصفهبد محمد بن شهريار فقبض عليه اصفهبد وأوثقه وأرسله إلى الري إلى علي بن وهسودان وهو نائب الخليفة المقتدر فأرسله علي المذكور إلى قلعة الموت التي كان مقام آبائه بها فحبس هناك فلما قتل علي بن وهسودان غيلة تخلص الداعي وجاء إلى كيلان وفي تاريخ رويان وجاء ولدا الناصر وهما أبو الحسين احمد وأبو القاسم جعفر بعسكر من الكيل والديلم إلى جرجان ووقعت لهم عدة مصاف مع الأتراك وجمع الداعي الصغير عسكرا وجاء إلى آمل ومنها إلى ساري ثم إلى استراباد وجاء ولدا الناصر فلم يلبثا ان انهزما وقتل خلق كثير من أكابر الكيل والديلم من جملتهم استندار هروسندان ابن تندار وكان مع أولاد الناصر وفي تاريخ طبرستان انه جاء ولدا الناصر إلى آمل وجاء الداعي من كيلان ووقعت بينه وبينهما المحاربة وانهزم أولاد الناصر وقتل خلق كثير من الكيل والديلم قالا معا وذهب أبو القاسم جعفر بن الناصر إلى دامغان ومنها إلى الري ثم صار إلى كيلان فأرسل الداعي إلى أبي الحسين احمد صاحب الجيش انا عبد لك وأنت أعطيتني الملك وليس لي معك خصومة لكن أخوك يقلقني فأقابله بالمثل وطلب الصلح فقبل أبو الحسين احمد وتصالحا وأقاما معا مدة بكركان وحاربوا الأتراك كثيرا ثم استقر أبو الحسين احمد في كركان والداعي في آمل وحكما طبرستان مدة على هذا النحو أحدهما في آمل والآخر في كركان وبقي أبو القاسم جعفر في كيلان. ثم بعد مدة تغير أبو الحسين احمد على الداعي الصغير وارسل إلى أخيه جعفر فجمع عسكرا من كيلان وجاء هو بعسكر من كركان واتفقا وجاء إلى مصلى آمل وحاربا الداعي الصغير فانهزم الداعي