ما لمن ألح عليه الزمان * مطمع بغيرك يا ابن الملوك لا ولا لمضطرب الراغبين * مطلب سواك حاشى أخيك لم يخب على حدثان الزمان * آملوك إذ وردوا قاصديك قال محمد بن عمر: هذه القصيدة ستون بيتا ووزنها خارج عن كتاب الخليل قرأتها على الحسن وهو يبكي وقال لماذا لم ينشدني إياها قلت لأنه مرض ومات في مرضه ذلك فترحم عليه الحسن ثم قال: والله لا أكون أقل من علقمة، فلم أفهم معنى ذلك، وقلت: جعلت فداك علقمة هذا من هو؟ قال: هو علقمة بن علاثة أحد الأكابر مدح الحطيئة أباه بشعر ومات قبل انشاده وهو:
لعمري لنعم المرء من آل جعفر * بحوران أمسى أعلقته الحبائل فان تحي لا أملك حياتي وان تمت * فما في حياتي بعد موتك طائل وما كان بيني لو لقيتك سالما * وبين الغنى الا ليال قلائل فلما سمع علقمة هذه الأبيات اخذ من مال أبيه بقدر نصيب ولد وأعطاه الحطيئة وانا لا أكون أقل منه ثم سألني هل لزرق وارث قلت نعم له بنت صغيرة قال هل تعرف مكانها قلت نعم فقال ثروتي لا تفي بمرادي ثم قال لخادم له ما بقي معك من نفقتنا قال عشرة آلاف دينار قال فائت بها فجاء بها الخادم فقال خذ نصفها لك واعط نصفها لابنة زرق اه.
من طريف اخباره وحكمه ما حكاه ابن خلكان قال خرج الحسن بن سهل مع المأمون يوما يشيعه فلما عزم على مفارقته قال له المأمون يا أبا محمد ألك حاجة قال نعم يا أمير المؤمنين تحفظ علي من قلبك ما لا أستطيع حفظه الا بك. وكتب الحسن لرجل كتاب شفاعة فجعل الرجل يشكره فقال الحسن يا هذا علام تشكرنا انا نرى الشفاعة زكاة مروءاتنا. وكان يملي كتاب شفاعة فكتب في آخره انه بلغني ان الرجل يسال عن فضل جاهه يوم القيامة كما يسال عن فضل ماله. وقال لبنيه يا بني تعلموا النطق فان فضل الإنسان على سائر البهائم به وكلما كنتم بالنطق أحذق كنتم بالانسانية أحق اه.
كرمه وسخاؤه المفرط يكفي في ذلك ما مر في تزويج المأمون بنته بوران من انفاقه على المأمون وعسكره واتباعه في مدة 17 يوما خمسين ألف ألف درهم وتفريقه العشرة آلاف درهم التي امر له بها المأمون في مجلس واحد. وحكى الطبري عن أبي الحسن علي بن الحسين بن عبد الأعلى الكاتب أنه قال دخلت على الحسن بن سهل يوما فقال له قائل ان علي بن الحسين ادخل ابنه الحسن اليوم الكتاب فدعا لي وانصرفت فوجدت في منزلي عشرين ألف درهم هبة للحسن وكتابا بعشرين ألف درهم وكان قد وهب لي من ارضه بالبصرة ما قوم بخمسين ألف دينار ويأتي في اخباره مع الشعراء انه أجاز شاعرا على أربعة ابيات من الشعر بعشرة آلاف درهم ومر في خبره مع المنتصر وعمر بن مكين انه اعطى ابنة شاعر كان قد مدحه ومات قبل انشاده خمسة آلاف دينار وأعطى محمد بن عمر الذي اخبره بها خمسة آلاف دينار.
اخباره مع الشعراء قال ابن خلكان قصده بعض الشعراء وأنشده:
تقول حليلتي لما رأتني * أشد مطيتي من بعد حل أبعد الفضل ترتحل المطايا * فقلت نعم إلى الحسن بن سهل وفي رواية ازم مطيتي وأشد رحلي فاجزل عطيته وفي معجم الشعراء للمرزباني في ترجمة أبي القاسم الأعمى معاوية بن سفيان الشاعر الراوية البغدادي انه اتصل بالحسن بن سهل يؤدب أولاده فعتب عليه في شئ فقال يهجوه:
لا تحمدن حسنا في الجود ان مطرت * كفاه غزرا ولا تذممه ان رزما فليس يمنع ابقاء على نشب * ولا يجود لفضل الحمد مغتنما لكنها خطرات من وساوسه * يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما ويروي البيت الثالث للخوارزمي في الصاحب كما مر في ترجمة الصاحب وفي الفخري: قالوا قدم رجل إلى باب الحسن بن سهل يلتمس صلته وعارفته فاشتغل عنه مديدة فكتب اليه:
المال والعقل مما يستعان به * على المقام بأبواب السلاطين وأنت تعلم اني منهما عطل * إذا تأملتني يا ابن الدهاقين أما تدلك أثوابي على عدمي * و الوجه اني رئيس في المجانين والله يعلم ما للملك من رجل * سواك يصلح للدنيا وللدين فامر له بعشرة آلاف درهم ووقع في رقعته:
أعجلتنا فأتاك عاجل برنا * قلا ولو أنظرتنا لم يقلل فخذ القليل وكن كأنك لم تسل * ونكون نحن كأننا لم نسأل وفي تجارب السلف وجدت في بعض الأنقال ان شاعرا مدح بعض الأجواد فأبطأ في جائزته فكتب اليه:
ما ذا أقول إذا رجعت وقيل لي * ماذا أصبت من الجواد المفضل ان قلت أعطاني كذبت وان أقل * بخل الجواد بماله لم يجمل فاختر لنفسك ما أقول فإنني * لا بد مخبرهم وان لم اسال فبعث اليه بألف درهم وبالبيتين السابقين أعني أعجلتنا فأتاك عاجل برنا الخ اه. وهذا هو الأنسب ليكون الجواب موافقا للخطاب في الوزن والقافية ولعل الحسن تمثل بهما وهما لغيره ثم قال في تجارب السلف:
ومخدوم مولانا المعظم سلطان المحققين صدر الحق والملة والدين شيخ الورى علم الهدى عبد اللطيف القصري مد الله ظلاله على الاسلام والمسلمين قال في بعض الروايات ان دعبل بن علي الخزاعي قصد عبد الله بن طاهر والي خراسان فوقف على بابه وأرسل اليه مع خادمه هذين البيتين:
جئتك مستشفعا بلا سبب * إليك الا بحرمة الأدب فاقض ذمامي فإنني رجل * غير ملح عليك في الطلب فبعث إلي باثني عشر ألف درهم وارسل اليه البيتين أعجلتنا فأتاك عاجل برنا الخ اه. ويمكن ان يكون عبد الله بن طاهر تمثل بهما أيضا وهما لغيره. وفي تجارب السلف أيضا قال يوسف الجوهري يمدح الحسن بن سهل:
لو أن عين زهير شاهدت حسنا * وكيف يصنع في أمواله الكرم إذا لقال زهير حسن يبصره * هذا الجواد على العلات لا هرم ولأبي تمام قصيدتان في مدح الحسن بن سهل مرتا في ترجمة أبي تمام.