وكذا لو حج به بعض إخوانه، ذهب إليه علماؤنا خلافا للجمهور " وهو كما ترى لا يتم بناء على ما عرفت من عدم وجوب القبول الذي هو واضح الفساد، وكونه منة لا تتحملها النفوس، ولم يكلف الشارع معها بشئ من التكاليف يدفعه أن المالك الحقيقي يلحظ ذلك في خصوص الحج الذي يراد به وجه الله تعالى، بل ذلك في الحقيقة كأنه اجتهاد في مقابلة النص، فلا ريب في وضوح فساده، كوضوح فساد ما سمعته من ابن إدريس، بل هو مخالف لظاهر النص والفتوى، خصوصا في آخر الفصل الآتي، ودعوى أنه لا معنى لتعليق الواجب بغير الواجب يدفعها مع أنها اجتهاد في مقابلة النص أن غاية ذلك عدم استقرار الوجوب، ولا بأس به، ضرورة كونه حينئذ كالمستطيع بنفسه الواجب عليه السير مع احتمال زوال الاستطاعة، والاكتفاء بالاستصحاب مشترك بينهما، على أن الدعوى المزبورة إنما تقتضي وجوب البذل على الباذل للمبذول له بنذر وشبهه لا اعتبار خصوص التملك، ومن هنا حكي عن الفاضل ذلك، بل جزم به الكركي، قال فيما حكي عنه في شرح عبارة المتن: هذا إنما يستقيم إذا كان البذل على وجه لازم، كما لو نذر له مال ليحج به، أو نذر له ما يكفيه لمؤونة الحج، أما أو نذر له لا على هذا الوجه فإنه لا يجب القبول، ولو نذر لمن يحج وأطلق ثم بذل لمعين ففي وجوب الحج نظر، لأنه لا يصير مالكا إلا بالقبض، ولا يجب عليه الاكتساب للحج بالقبض، وكذا لو أوصى بمال لمن يحج فبذل لمعين، وفي كشف اللثام بعد أن اختار ما قدمناه قال: وقد يقال بوجوب القبول إذا وجب البذل، وقد يقال بوجوبه إذا وجب عينا لا تخييرا، حتى لو نذر أو أوصى به لمن يحج مطلقا فبذل له لم يجب القبول.
لكن لا يخفى عليك ما في الجميع من مخالفته للنص والفتوى ومعاقد الاجماعات، وأن تعليق الواجب على الجائز لا يقتضي إلا عدم الاستقرار، نعم