الحج مع الانحصار، وعدم استقرار الحج في الذمة بالتمكن من الخروج قبلها، وسقوطه عن البعيد إذا كان بحيث لا يمكنه قطع المسافة في تلك المدة، واللوازم كلها باطلة، فكذا الملزوم، فتجب إناطة التكليف بالخطاب المعلق، ولا يختلف الحال بدخول أشهر الحج وعدمه كما هو ظاهر، ضرورة كونه حينئذ كباقي أفراد الواجب الموسع الذي يتضيق بخوف الفوات، ومنه محل الفرض باعتبار عدم الوثوق برفقة أخرى، فيجب التقديم، وهو المطلوب، على أن اشتغال الذمة يقينا يوجب الاتيان بما يعلم معه حصول الامتثال، ولا يتحقق ذلك في محل الفرض إلا بالخروج مع الوفد الأول، ضرورة انتفاء العلم فيه مع التأخير، فكذا ما يقوم مقامه من الظن، ومجرد الاحتمال لا عبرة به، إذ لا أقل من الظن فيما الأصل فيه اليقين، وحينئذ فلا ريب في عصيانه بالتأخير مع التمكن من الرفقة الأولى من دون وثوق بغيرها، إذ هو لا يخلو إما أن يتأتى له الخروج بعدها أم لا، أما الثاني فظاهر، لأنه تأخير للحج من عام إلى آخر مع التمكن، وأما الأول فإن قلنا ببدلية العزم في الواجب الموسع فكذلك، لاستحالة العزم على الفعل مع عدم الوثوق بالتمكن من مقدماته، وإلا فالعصيان ثابت له من حيث التعرض للمعصية والجرأة عليها بالتأخير عن الرفقة الأولى مع عدم الوثوق بالثانية وإن تبين له الخلاف بعد ذلك، والتمكن اللاحق لا يرفع حكم الاجتزاء السابق، ولا فرق في المجتري بين المصادف للتمكن وغيره مما يتعلق بالاختيار، والقول بعصيان أحدهما دون الآخر تحكم ظاهر، ولذا يتوجه عليه الذم على التقديرين، وما يقال من أن العزم على المعصية ليس بمعصية فعلى تقدير تسليمه إنما هو في العزم الذي يبقى معه الاختيار لا في مطلق العزم.
ثم إن الوفد الخارجين إلى مكة إما أن يكونوا متوافقين في الخروج زمانا أو مختلفين متقاربين، أو متباعدين في أشهر الحج، أو قبلها، أو خروج أحدهم