ومن الغريب ما في الوسائل من حمل هذه النصوص (1) على الوجوب كفاية وإن جعله الوجه بعض الأفاضل مؤيدا له بما دل من النصوص التي فيها الصحيح وغيره على جبر الإمام الناس على الحج إذا تركوه، وإلا استحقوا العقاب ولم ينظروا، إذ هو مخالف لاجماع المسلمين على الظاهر أيضا، فلا بد من طرحها أو تنزيلها على ما عرفت ونحوه، ونصوص الجبر خارجة عما نحن فيه، ضرورة عدم اختصاصها بأهل الجدة كما يومي إليه اشتمال الصحيح (2) منها على أنه إن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال، بل اشتمل أيضا على الجبر على المقام عند البيت وعلى زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) والمقام عنده، ولعلنا نقول به كما أو ماء إليه في الدروس، قال فيها: " ويستحب للحاج وغيرهم زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة استحبابا مؤكدا، ويجبر الإمام الناس على ذلك لو تركوه، لما فيه من الجفاء المحرم كما يجبرون على الأذان، ومنع ابن إدريس ضعيف، لقوله (صلى الله عليه وآله) (3):
" من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة فقد جفوته يوم القيامة، ومن أتاني زائرا وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة " وفي المختلف " قال الشيخ: إذا ترك الناس الحج وجب على الإمام أن يجبرهم على ذلك، وكذلك إذا تركوا زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) كان عليه إجبارهم عليها أيضا، وقال ابن إدريس لا يجب الاجبار، لأنها غير واجبة، واحتج الشيخ بأنه يستلزم الجفاء، وهو محرم " وعلى كل حال فالوجوب بهذا المعنى خارج عما نحن فيه من الوجوب كفاية على خصوص أهل الجدة المستلزم لكون من يفعله من حج في السنة السابقة