والوجوب لا يتعلق به إلا لأمر عارض جاز أن ينوي فيه أجمع ما هو مقتضى الأصل، وهو الندب - فضعيف جدا، إذ لا معنى لايقاع الفعل الواجب على وجه الندب، كما هو واضح، قلت: بل هو قوي جدا، ضرورة كون اعتكاف الثلاثة عبادة واحدة، ولا توصف قبل الوقوع إلا بالندب، فهو حينئذ وجهها، والوجوب الحاصل بعد مضي اليومين أو بالشروع إنما هو من أحكام تلك العبادة المندوبة لا من وجوه أمرها، ضرورة كونه بأمر آخر غير الأمر بأصل الاعتكاف لا يعتبر في صحته أصل النية فضلا عن نية الوجه، ومن هنا لو أتم المكلف الفعل بالاستدامة على مقتضى الأول غير عالم بالأمر الثاني صح فعله قطعا، ومن ذلك وجوب إتمام النافلة بعد الشروع فيها بناء على حرمة القطع، ولو سلم فالمتجه التجديد كما ذكره المصنف، إذ لا معنى لقصد امتثاله قبل تحقق الخطاب به ضرورة عدم الوجوب إلا بعد مضي اليومين، كما أن المتجه على التجديد وقوع النية عند الغروب من اليوم الثاني على وجه لا تنافي المقارنة عرفا من غير اعتبار التقدم اليسير والتأخر، لكن في الروضة ظاهر الأصحاب أن النية للفعل المستغرق للزمان المعين كالوقوف بعرفة يكون بعد تحققه لا قبله، وربما نوقش بخلو جزء من الزمان حينئذ من النية، فالأولى تقدمها بما لا ينافي المقارنة عرفا مع فرض تعذر المقارنة حقيقة، وفيه أنه مناف لاعتبار المقارنة المستفادة من الأدلة، ودعوى صدق تحققها عرفا في نحو ما نحن فيه بذلك لا تختص بالتقدم، ومن هنا كان التحقيق ما قدمناه، ولعل ذلك كله بناء على أن النية الاخطار، أما على الداعي فالأمر سهل بل يمكن استمراره على وجه تحصل به المقارنة حقيقة، لكن في رسالة شيخنا أنه يكفي التبييت هنا على الأقوى، وهو مشكل، كما أن ما فيها من أنه يجوز نيته عن الميت والأموات دون الاحياء لا يخلو من إشكال أيضا، بل الأقوى جوازه، ولا يقدح ما فيه من النيابة في الصوم التبعي كالصلاة للطواف ونحوها
(١٦٣)