يذهب ثلثاه، قلت: الزبيب كما هو يلقى في القدر، قال: هو كذلك، سواء إذا أدت الحلاوة إلى الماء فسد كلما غلى بنفسه أو بالنار فقد حرم، إلا أن يذهب ثلثاه (1).
والخروج بهذه النصوص عن الأصول القطعية المعتضدة بالشهرة ومجهولية القائل بها صريحا أو ندرته وإن كان لا يخلو أيضا عن إشكال، إلا أن الاحتياط فيه لازم على كل حال.
ولا كذلك التمري، لوضوح مأخذ الحل فيه من الأصول والنصوص، الدالة على دوران الحكم فيه حلا وحرمة مدار السكر وعدمه، وخصوص الرواية، مع قصور ما يعارضها سندا ودلالة، وعدم ما يدل على حرمته صريحا مطلقا، مع عدم ظهور قائل بها فيه أصلا، ومع ذلك الاجتناب عنه أحوط وأولى، للشبهة الناشئة من الموثقين، المتقدم إليهما الإشارة، وبعض النصوص المشعرة بل الظاهرة في اتحاد عصيري العنب والتمر في العلة المحرمة.
وفيه - بعد كلام طويل يتضمن تعليل الحكم بحرمة العصير العنبي بمص إبليس منه -: فأوحى الله إلى آدم (عليه السلام) أن العنب قد مصه عدوي وعدوك إبليس لعنه الله تعالى، وقد حرمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس إبليس فحرمت الخمر - إلى أن قال -: ثم إنه - أي إبليس - قال لحواء:
لو أمصصتني شيئا من هذا التمر كما أمصصتني من العنب، فأعطته تمرة فمصها وكان العنب والتمر أشد رائحة وأزكى من المسك الأذفر، وأحلى من العسل، فلما مصها عدو الله ذهبت رائحتها - إلى أن قال -: ثم إن إبليس الملعون ذهب بعد وفاة آدم فبال في أصل الكرمة والنخلة فجرى الماء في