إلى الظاهر، لعدم بلوغ هذه المرجوحية درجة يحصل فيها قوة الدلالة، التي هي المناط في تخصيص الأدلة القاطعة.
وبهذا يجاب عن موثقتيه الآخرتين الواردتين في الزبيب:
في أحدهما: وصف لي الصادق (عليه السلام) المطبوخ كيف يطبخ حتى يصير حلالا، فقال: تأخذ ربعا من زبيب وتنقيه وتصب عليه اثنى عشر رطلا من ماء ثم تنقعه ليلة، فإن كان أيام الصيف وخشيت أن ينش جعلته في تنور مسجور قليلا حتى لا ينش ثم تنزع الماء منه كله حتى إذا أصبحت صببت عليه من الماء بقدر ما يغمره - إلى أن قال -: ثم تغليه بالنار ولا تزال تغليه حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث، الحديث (1). وقريب منها الثانية (2).
والخبر: شكوت إلى الصادق (عليه السلام) قراقر تصيبني في معدتي وقلة استمرائي الطعام فقال لم لا تتخذ شيئا نشربه نحن إلى أن قال تأخذ صاعا من زبيب إلى أن قال ثم تطبخه رقيقا حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه إلى أن قال في آخر الخبر وهو شراب لا يتغير إذا بقي (3).
وذلك فإنه لا يلزم من الأمر بطبخه على الثلث أن يكون لأجل حليته بعد حرمته إن حرم بالغليان، بل يجوز أن يكون لئلا يصير مسكرا، كما يدل عليه قوله (عليه السلام) في آخر الرواية الأخيرة: «وهو شراب لا يتغير إذا بقي».
ويجوز أن يكون لأجل أن الخاصية والنقع المترتب عليه لا يحصل إلا بطبخه على الوجه المذكور، كما ورد مثله في بعض النصوص، كتبت إليه (عليه السلام):
عندنا شراب يسمى الميبة نعمد إلى السفرجل فنقشره ونلقيه في الماء ثم نعمد إلى العصير فنطبخه على الثلث ثم ندق ذلك السفرجل ونأخذ ماءه ثم