وهو حسن بحكم العقل الفطري فكيف ينفى الثواب عنه؟ مع عدم دخالة دلالة الحجة في حسنة، بل هو حسن بذاته.
والجواب: ان حكم العقل بحسن الشئ لا يلازم حكمه باستحقاق الثواب على المولى، إذ الثواب هو الجزاء على العمل الذي جاء به العبد مرتبطا بمولاه. فمن أحسن إلى فقير لا يستحق على زيد ثوابا بحيث له ان يطالبه به، وانما يستحق الثواب من زيد إذا كان زيد يرغب في الاحسان إلى الفقير وجاء به عمرو من هذه الجهة.
وعليه: فليس مجرد الاتيان بالحسن موجبا لاستحقاق الثواب، بل يتوقف على أن يكون ذلك العمل مرادا ومحبوبا لله تعالى، وجاء به العبد من تلك الجهة، فإذا فرض ان الله لا يريد هذا الحسن الا في ظرف مخصوص لم يكن فعله في غير ذلك الظرف موجبا للثواب وان كان حسنا.
ومن هذا القبيل التصدق، فان الرواية ظاهرة في أن الله تعالى لا يريده الا إذا كان بدلالة الحجة، فبدونها لا يستحق الثواب وان جاء بالحسن.
ونتيجة ما ذكرناه: ان دعوى الأخباريين ترجع إلى أن العلم من طريق خاص، وهو طريق النقل مأخوذ في موضوع الحكم الفعلي، وقد تقدم ان تقييد العلم الموضوعي بصنف خاص لا مانع منه. ومن هنا يظهر ما في جواب الشيخ الأخير الذي نقلناه بنصه من المسامحة. إذ لم يتقدم منه نفي دلالة الخبر على هذه الدعوى، وانما تقدم منه نفي دلالتها على نفي المنجزية واثبات دلالتها على نفي الطرق العقلية الظنية.
وقد عرفت أنه انما التزم بذلك - مع أنه خلاف ظاهر الاخبار - باعتبار الاهتمام الظاهر من الاخبار، وهو لا يتناسب مع نفي المنجزية لندرة مخالفة القطع مع الطريق السمعي.
ومن الواضح ان الدعوى الأخيرة الراجعة إلى تقييد موضوع الحكم