بناء على توقف صحة العبادة على الامر - كما عن البهائي ره - على اطلاقه لا يستقيم، بل هو مختص بالمضيقين المتزاحمين، واما في المضيق والموسع فالثمرة تظهر على ما بينا. هذا غاية ما يمكن ان يوجه به مقالة المحقق ومن وافقه.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه، فإنه لو كان وجه اعتبار القدرة في التكاليف هو مجرد حكم العقل بقبح تكليف العاجز لكان الامر كما ذكر، حيث إنه يكفي في صحة التكليف بالطبيعة القدرة على ايجادها ولو في ضمن فرد ما، ولكن هناك وجه آخر في اعتبار القدرة وهو اقتضاء الخطاب ذلك، حيث إن البعث والتكليف انما يكون لتحريك إرادة المكلف نحو أحد طرفي المقدور، بل حقيقة التكليف ليس الا ذلك، فالقدرة على المتعلق مما يقتضيه نفس الخطاب، بحيث انه لو فرض عدم حكم العقل بقبح تكليف العاجز، وقلنا بمقالة الأشاعرة من نفى التحسين والتقبيح العقليين، لقلنا باعتبار القدرة في متعلق التكليف لمكان اقتضاء الخطاب والبعث ذلك، حيث إن حقيقة الخطاب هي البعث وتحريك الإرادة نحو أحد طرفي المقدور و ترجيح أحد طرفيه، وحينئذ يدور سعة دائرة المتعلق وضيقه مدار سعة القدرة و ضيقها ولا يمكن ان يكون دائرة المتعلق أوسع من دائرة القدرة، فالفرد المزاحم لواجب مضيق لا يمكن ان يعمه سعة المتعلق لعدم سعة قدرته ذلك حسب الفرض، حيث إن الممتنع الشرعي كالممتنع العقلي، ومجرد انطباق طبيعة الصلاة على ذلك الفرد لا ينفع بعد عدم انطباق الصلاة المتعلقة للطلب عليه. فدعوى انه لا يحتاج الفرد إلى القدرة عليه بعد القدرة على ايجاد الطبيعة ولو في ضمن فرد ما - لان الانطباق يكون ح قهريا والاجزاء عقليا - مما لا تستقيم، بعد ما كان الخطاب يقتضى القدرة على المتعلق بحيث يدور سعة دائرة المتعلق أو ضيقه مدار سعة القدرة وضيقها، وبعد عدم القدرة على ايجاد الطبيعة في ضمن الفرد المزاحم لواجب مضيق تخرج تلك الحصة من الطبيعة عن متعلق الامر، فلا يمكن ايجاد الفرد امتثالا للامر المتعلق بالطبيعة، فلو قلنا بتوقف العبادة على الامر يبطل ذلك الفرد المزاحم ولا يمكن تصحيحه.
تبصرة:
لا يخفى عليك ان ما قلناه: من أن كل خطاب يقتضى القدرة على متعلقه،