والحاصل: انه بعد ما تقدم من أنه لا يترتب على البحث في وجوب المقدمة ثمرة عملية أصلا، بل كان البحث علميا صرفا، فلا تكون المسألة مجرى لأصل من الأصول، بعد ما كانت الأصول مجعولة في مقام العمل، وذلك واضح.
هذا تمام الكلام في مقدمة الواجب. والحمد لله أولا وآخرا والصلاة على محمد واله.
وقد وقع الفراغ من تسويده ليلة الحاد يعشر من شهر ذي القعدة.
القول في اقتضاء الامر بالشئ النهى عن ضده وتنقيح البحث فيه يستدعى تقديم أمور الامر الأول:
لا اشكال في أن المسألة من مسائل الأصول، وليست من المبادئ الأحكامية، وان كان فيها جهتها، الا ان مجرد ذلك لا يكفي في عدها من المبادئ بعد ما كان نتيجتها تقع في طريق الاستنباط، على ما تكرر منا في ضابط المسألة الأصولية.
الامر الثاني:
ليست المسألة من المباحث اللفظية، لوضوح ان المراد من الامر العنوان الأعم من اللفظي واللبي المستكشف من الاجماع ونحوه، بل هي من المباحث العقلية، وليست من المستقلات العقلية، بل هي من الملازمات - على ما تقدم شرح ذلك في أول البحث عن وجوب المقدمة - وذكرها في المباحث اللفظية لكون الغالب في الأوامر كونها لفظية.
الامر الثالث:
المراد من الاقتضاء في العنوان الأعم من كونه على نحو العينية، أو التضمن، أو الالتزام بالمعنى الأخص أو الأعم، لان لكل وجها بل قائلا. كما أن المراد من الضد ليس خصوص الامر الوجودي، وان كان الظاهر منه ذلك، بل المراد منه مطلق المعاند الشامل: للنقيض بمعنى الترك، وللامر الوجودي الخاص المعبر عنه