بواسطة كونه حيوانا، أو العارض للجنس بواسطة الفصل، كالتعجب العارض للحيوان بواسطة كونه ناطقا، فان كلا من هذين القسمين وقع محل الكلام في كونه من العرض الذاتي، حيث ذهب بعض إلى أن ما يعرض الشئ لجزئه الأعم أو الأخص يكون من العرض الغريب، كما أن من العرض الغريب ما كان لأمر خارج أعم أو أخص أو مباين على مشرب المشهور، فيلزم ان يكون البحث عن كل ما يلحق الكلمة ولو بواسطة فصولها بحثا عن عوارض الكملة، فيتداخل علم النحو و الصرف واللغة، لان البحث في الجميع يكون عن عوارض الكلمة التي هي موضوع في العلوم الثلاثة، وان اختلفت جهة البحث، حيث إن جهة البحث في النحو هي الاعراب والبناء، وفى الصرف هي الصحة والاعتلال، وفى اللغة هي المعاني و المفاهيم، الا ان الجميع يكون من العوارض الذاتية لجنس الكلمة حسب الفرض، و ان كان عروضها لها باعتبار ما لها من الفصول: من الفاعل والمفعول، والثلاثي و المزيد فيه، الا ان الجميع يعرض جنس الكلمة، والمفروض ان عوارض الجنس عوارض ذاتية للكلمة، فيلزم تداخل العلوم الثلاثة.
ولأجل ورود هذا الاشكال زيد قيد الحيثية، وقيل: ان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات، وتمايز الموضوعات بتمايز الحيثيات.
وقد أشكل على زيادة الحيثية: بأنها مما لا تسمن ولا تغنى من جوع، كما لا يخفى على المراجع في المطولات هذا.
ولكن الانصاف انه يمكن حسم مادة الاشكال بما ذكرناه من معنى الحيثية التي اخذت قيدا في موضوع العلم، فإنه هب ان هذه العوارض من العوارض الذاتية للكلمة، الا ان المبحوث عنه في علم النحو ليس مطلق ما يعرض الكلمة من العوارض الذاتية لها، بل من حيث خصوص قابليتها للحوق البناء والاعراب لها، على وجه تكون هذه الحيثية هي مناط البحث في علم النحو، فالحيثية في المقام حيثية تقييدية، لا تعليلية، ولا الحيثية التي تكون عنوانا للموضوع كالحيثية في قولنا: الماهية من حيث هي هي ليست الا هي. فإذا صار الموضوع في علم النحو هي الكلمة من حيث خصوص لحوق