ما كان يقتضيه نفس الذات، ومنتزعا عن مقام الهوية، فمثل حرارة الماء من العرض الغريب لان عروض الحرارة على الماء يكون بواسطة امر خارج مباين، بل ما كان يعرض الشئ بواسطة امر خارج مط، سواء كان أعم أو أخص أو مباينا، يكون من العرض الغريب اتفاقا، وانما المختلف فيه ما كان يعرض الشئ بواسطة امر خارج مساوي، كالضحك العارض للانسان بواسطة التعجب، حيث ذهب بعض إلى أنه من العرض الذاتي، وبعض اخر إلى أنه من العرض الغريب، فالعبرة في العرض الذاتي عندهم هو كونه بحيث يقتضيه نفس الذات، لاما لا يكون له واسطة في العرض، هو ان البحث في غالب مسائل العلوم ليس بحثا عن العوارض الذاتية لموضوع تلك المسألة على وجه يقتضيه ذات الموضوع، بداهة ان خبر الواحد مثلا بهوية ذاته لا يقتضى الحجية، إذ الحجية انما هي من فعل الشارع.
فالبحث عن حجية خبر الواحد ليس بحثا عن العوارض الذاتية للخبر، و كذا الكلام في سائر المسائل لعلم الأصول وغيره من العلوم، كقولنا: الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب، فان الرفع والنصب ليسا مما يقتضيه نفس ذات الفاعل و المفعول بهويتهما، بل لمكان لسان العرب، حيث إنهم يرفعون الفاعل وينصبون المفعول، فيلزم بناء على ما قيل في تفسير العرض الذاتي ان يكون البحث في غالب العلوم بحثا عن العوارض الغريبة لموضوع العلم، فلا بد من توسعة العرض الذاتي، حتى يكون البحث في مسائل العلوم بحثا عن العوارض الذاتية لموضوعاتها، بان يق:
ان العرض الذاتي هو ما كان يعرض نفس الذات بلا واسطة في العروض وان كان لأمر لا يقتضيه نفس الذات. وعلى هذا يكون البحث في جميع مسائل العلوم بحثا عن العوارض الذاتية، بداهة ان الحجية عارضة لذات الخبر وان كان ذلك بواسطة الجعل الشرعي، وكذلك الرفع والنصب يعرضان لذات الفاعل والمفعول، و ان كان ذلك لأجل لسان العرب.
فالضابط الكلي للعرض الذاتي، هو ان لا يتوسط بينه وبين الموضوع امر يكون هو معروض العرض أولا وبالذات، كما هو الشأن في الوسائط العروضية.
إذا عرفت ذلك فالكلام في المقام يقع من جهات: