وينقسم الواجب، باعتبار آخر إلى تعييني وتخييري. وقد يستشكل في تصوير الواجب التخييري، وانه كيف يعقل تعلق إرادة الآمر بأحد الشيئين أو الأشياء من غير تعيين؟ مع عدم امكان تعلق إرادة الفاعل بذلك، لوضوح ان إرادة الفاعل المستتبعة لحركة العضلات لا تتعلق الا بمعين محدود بحدوده الشخصية، ولا يعقل تعلقها بأحد الشيئين على وجه الابهام والترديد، فإذا لم يعقل تعلق إرادة الفاعل على هذا الوجه، فكيف يعقل تعلق إرادة الآمر بذلك؟ ومن هنا اختلفت الكلمات في كيفية الواجب التخييري. والوجوه العلمية التي ذكروها في المقام ترجع إلى أربعة:
الوجه الأول:
هو ان الواجب في الواجب التخييري، الكلي الانتزاعي، وهو عنوان (أحدها) ولا مانع من تعلق التكليف بالأمور الانتزاعية إذا كان منشأ انتزاعها بيد المكلف، ولم تكن من أنياب الأغوال، وواضح ان هذا العنوان الانتزاعي قابل للانطباق على كل من افراد الواجب المخير، فإنه يصدق على كل من العتق والصيام والاطعام عنوان (أحدها) فيكون هو متعلق التكليف هذا.
ولكن يرد عليه ان ذلك خلاف ظواهر الأدلة المتكفلة لبيان الواجب التخييري، حيث إن الظاهر منها، كون كل من الخصال واجبا، لا ان الواجب هو عنوان (أحدها).
والحاصل: ان هذا الوجه وان كان ممكنا ثبوتا، ولا محذور فيه عقلا، الا انه خلاف ظواهر الأدلة لا يصار إليه الا بقرينة معينة، أو انحصار الوجه في ذلك و عدم تمامية الوجوه الآتية.
الوجه الثاني:
هو ان يكون الوجوب في كل واحد من افراد التخيير مشروطا بعدم فعل الاخر، فيكون العتق واجبا عند عدم الصيام والاطعام، وكذا العكس، فتكون الإرادة قد تعلقت بكل على نحو الواجب المشروط، وذلك انما يكون إذا كان لكل من الصيام والعتق والاطعام ملاك يخصه، ولكن لا يمكن الجمع بين الملاكات و