كان استعمال الأسد في مطلق الشجاع مجازا، لأنه استعمال في خلاف ما وضع له.
وبالجملة: صحة اطلاق شئ على شئ انما يكون بتوسعة في ناحية ذلك الشئ على وجه يعم ذلك الشئ الذي أطلق عليه، فتارة يكون الشئ هو بنفسه موسعا بلا عناية ويكون نسبته إلى المصاديق نسبة المتواطي، كما لو أطلق الماء على ماء الدجلة والفرات، ففي مثل هذا يكون كل من الاطلاق والاستعمال حقيقيا إذا لم يكن الاطلاق بلحاظ الخصوصية الفردية، بل جرد الفرد عن الخصوصية وأريد به نفس تلك الحصة من الطبيعة الموجودة في ضمنه.
وأخرى: لا يكون الشئ هو بنفسه بلا عناية يعم ذلك الشئ الذي أطلق عليه، وان كان من افراده الحقيقية، الا ان نسبته إلى ذلك الشئ نسبة المشكك لا المتواطي كاطلاق الماء على ماء الزاج والكبريت، فان ماء الزاج والكبريت و ان كان من افراد الماء حقيقة، الا ان الماء لما كان منصرفا عن ذلك فاطلاق الماء عليه يحتاج إلى نحو عناية وتوسعة، ولكن تلك العناية لا توجب المجازية، بل يكون أيضا كل من الاطلاق والاستعمال على وجه الحقيقة.
وثالثة: لا يكون الشئ مما يعمه على وجه الحقيقة، بل يكون مباينا له بالهوية، الا انه يصح تعميم دائرة الشئ على وجه يكون ذلك الشئ من افراده حقيقة بعد التعميم، وذلك كصحة تعميم الأسد لمطلق الشجاع لمكان العلاقة، وبعد التعميم والتوسعة في دائرة مفهوم الأسد يطلق على زيد الشجاع، ويكون زيد من افراد المفهوم الموسع حقيقة، وان كان استعمال الأسد في مطلق الشجاع مجازا، لأنه خلاف ما وضع له اللفظ.
إذا عرفت ذلك فنقول: ان السكاكي ان أراد من قوله: اطلاق الأسد على زيد يكون حقيقة ادعائية، هو انه يطلق الأسد على زيد من دون توسعة في دائرة مفهوم الأسد، فهذا مما لا معنى له ويكون الكلام كذبا، وان أراد ان الاطلاق بعد التوسعة في دائرة مفهوم الأسد، فهذا هو المجاز الذي يقول به المشهور، ويكون من المجاز في الكلمة، حيث إنه قد استعمل لفظ الأسد في مطلق الشجاع، وهو خلاف ما وضع له فتأمل، فان الانكار على السكاكي ربما لا يساعد عليه الشخص ابتداء و