وكذا لو كان الخاص مرددا في هذه الصورة بين المتباينين كما لو قال: أكرم العلماء إلا زيدا وتردد زيد بين زيد بن عمرو وبين زيد بن بكر، فإن إجماله يسري إلى العام حقيقة ويمنع عن انعقاد ظهوره، ولا يمكن التمسك بالعام بالنسبة إليهما ولابد من الرجوع إلى دليل آخر لو كان وإلا فإلى الأصول العملية، وإذا كان التخصيص بالمنفصل وكان مجملا مفهوما من جهة تردده بين الأقل والأكثر كما لو قال: " أكرم العلماء " وورد دليل منفصل مثل: " لا تكرم فساقهم " وتردد الفاسق بين خصوص مرتكب الكبيرة أو الأعم منه ومن مرتكب الصغيرة فإن إجمال المخصص لا يسري إلى العام لا حقيقة ولا حكما، لانعقاد ظهور العام ولزوم الأخذ بعمومه إلا فيما كان حجة أقوى على خلافه، تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر، وهو ليس إلا القدر المتيقن من الخاص، وهو مرتكب الكبيرة في المثال، لأن الخاص بالنسبة إليه حجة فيزاحم العام فيه ويقدم عليه، لكونه أقوى منه.
وأما بالنسبة إلى غيره وهو مرتكب الصغيرة في المثال فليس الخاص حجة فيه فكيف يزاحم العام؟ فالعام بالنسبة إليه حجة بلا مزاحم. فتأمل.
وأما إذا كان الخاص في هذه الصورة مرددا بين المتباينين كما إذا قال: " أكرم العلماء " ثم ورد دليل منفصل بأنه لا تكرم زيدا وتردد زيد بين زيد بن عمرو وزيد بن بكر فإن إجمال المخصص يسري إلى العام حكما لا حقيقة، فبالنسبة إلى كل منهما لا يمكن التمسك بأكرم العلماء في وجوب إكرامه، كما أنه لا يمكن التمسك بلا تكرم زيدا في حرمة إكرامه. هذا إذا كان إجمال المخصص من جهة المفهوم بأقسامه من جهة كونه مرددا بين الأقل والأكثر أو المتباينين، ومن جهة كونه متصلا أو منفصلا على كلا التقديرين.
وأما إذا كان من جهة المصداق فإن كان المخصص متصلا كما لو قال المولى:
" أكرم العلماء إلا فساقهم " واشتبه فرد منهم أنه فاسق أم لا؟ مع تبين مفهوم الفسق وأنه يرتكب الكبيرة - مثلا - فلا إشكال في عدم جواز التمسك بالعموم بالنسبة إلى الفرد المشكوك، لعدم انعقاد ظهوره إلا في الخصوص وأما إذا كان المخصص منفصلا كما إذا قال: " أكرم العلماء " وورد دليل منفصل بأنه لا تكرم الفساق منهم