كتب المتقدمين، ككتاب الكشي والنجاشي والفهرست والخلاصة ونحوها، نظرا إلى نقلهم ذلك شهادة منهم بالتوثيق، حتى إن المحقق - رحمه الله - الشيخ حسن في كتاب (المنتقى) (1) لم يكتف في تعديل الراوي بنقل واحد من هؤلاء، بل أوجب في تصحيح الحديث نقل اثنين منهم لعدالة الراوي، نظرا إلى أنها شهادة، فلا يكفي فيها الواحد، وأنت خبير بما بين مصنفي تلك الكتب وبين الرواة من المدة والأزمنة المتطاولة، فكيف يطلعوا (2) على أحوالهم الموجبة للشهادة بالعدالة و (3) الفسق؟ والاطلاع على ذلك بنقل ناقل، أو شهرة، أو قرينة، أو نحو ذلك، كما هو معتمد مصنفي تلك الكتب، (في) (4) الواقع لا يسمى (5) شهادة، وهم قد اعتمدوا على ذلك وسموه شهادة.
وهب أن ذلك كاف في الشهادة، لكن لابد في العمل بالشهادة من السماع من الشاهد لا بمجرد نقله في كتابه: فإنه لا يكفي في كونه شهادة..
(هب أنا) (6) سلمنا الاكتفاء به في ذلك، فما الفرق بين هذا النقل في هذه الكتب وبين نقل أولئك الاجلاء، الذين هم أساطين العلم والمذهب (في) صحة كتبهم، وإنها مأخوذة عن الصادقين عليهم السلام، فيعتمد عليهم في أحدهما دون الاخر؟
وأما ثالثا: فلمخالفتهم أنفسهم فيما قرروه من ذلك الاصطلاح، فحكموا بصحة أحاديث هي باصطلاحهم ضعيفة، كمراسيل ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وغيرهما، زعما منهم أن هؤلاء لا يرسلون إلا عن ثقة. ومثل أحاديث جملة من مشايخ الإجازة، لم يذكروا في كتب الرجال بمدح أو (7) قدح، مثل أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، وأحمد بن محمد بن يحيى العطار، والحسين بن الحسن بن أبان، و (أبي) (8) الحسين بن أبي جيد