بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
وبعد فقد خلق الله الإنسان مزودا بمجموعة من الغرائز والقابليات التي امتاز بها على سائر المخلوقات الأخرى، ومن هذه الغرائز المميزة غريزة حب الذات، وطفق الإنسان بتحرك بدافع من هذه الجاذبية الباطنية لإدراك بعض الأمور المعنوية.
وقد جعل الله تعالى لكل مخلوق هذه الذي يوصله إلى كماله الخاص (أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) (1) ولكن الإنسان قلما يواصل سلوك الطريق الذي ينتهي به إلى كماله، إذ يستغرقه السعي لسد حاجاته المادية اليومية المتجددة بدافع من غرائزه الأخرى.
وقد تباينت الطرق والمناهج أمام السالكين للحصول على كمال الذات الإنسانية، عبر الأجيال المتعاقبة وشمل جميع المذاهب والديانات المساوية والوثنية، فكل له شريعة ومنهاج في السلوك.
وهكذا كان اختلاف السبل عقبة جدية أمام الإنسان الذي انتشل نفسه من بحر الماديات ليسقط من جديد في متاهات الضلال والضياع.