في كتاب الايصال ولله تعالى الحمد * وبرهان صحة قولنا قول الله تعالى: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) وليس من القسط أن يترك الظالم على ظلمه لا يغيره وأن يكون الفاسق يعلن الكفر بحضرة الحاكم والاقرار بالظلم. والطلاق ثم يكون الحاكم يقره مع المرأة ويحكم لها بالزوجية والميراث فيظلم أهل الميراث حقهم وقد أجمعوا على أن الحاكم ان علم بجرحة الشهود ولم يعلم ذلك غيره أو علم كذب المجرحين لهم فإنه يحكم في كل ذلك بعلمه فقد تناقضوا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه) والحاكم ان لم يغير ما رأى من المنكر حتى تأتى البينة على ذلك فقد عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصح أن فرضا عليه أن يغير كل منكر علمه بيده وأن يعطى كل ذي حق حقه والا فهو ظالم وبالله تعالى التوفيق * 1797 مسألة وإذا رجع الشاهد عن شهادته بعد أن حكم بها أو قبل أن يحكم بها فسخ ما حكم بها فيه فلو مات أو جن أو تغير بعد أن شهد قبل أن يحكم بشهادته أو بعد ان حكم بها نفذت على كل حال ولم ترد * قال على: أما موته وجنونه وتغيره فقد تمت الشهادة صحيحة ولم يوجب فسخها بعد ثبوتها ما حدث بعد ذلك، وأما رجوعه عن شهادته فلو أن عدلين شهدا بجرحته حين شهد لوجب رد ما شهد به واقراره على نفسه بالكذب أو الغفلة أثبت عليه من شهادة غيره عليه بذلك، وقولنا هو قول حماد بن أبي سليمان. والحسن البصري * 1798 مسألة وأداء الشهادة فرض على كل من علمها الا أن يكون عليه حرج في ذلك لبعد مشقة أو لتضييع مال أو لضعف في جسمه فليعلنها فقط قال تعالى: (ولا يأبى الشهداء إذا ما دعوا) فهذا على عمومه إذا دعوا للشهادة أو دعوا لأدائها ولا يجوز تخصيص شئ من ذلك بغير نص فيكون من فعل ذلك قائلا على الله تعالى ما لا علم له به * 1799 مسألة فإن لم يعرف الحاكم الشهود سأل عنهم وأخبر المشهود بمن شهد عليه وكلف المشهود له ان يعرفه بعد التهم، وقال للمشهود عليه: اطلب ما ترد به شهادتهم عن نفسك فان ثبت عنده عدالتهم قضى بهم ولم يتردد لما ذكرنا قبل وان جرحوا قبل الحكم لم يحكم بشهادتهم وان جرحوا عنده بعد الحكم بشهادتهم فسخ ما حكم به بشهادتهم لأنه مفترض عليه رد خبر الفاسق وانفاذ شهادة العدل والتبين فيما لا يدرى حتى يدرى وبالله تعالى التوفيق * 1800 مسألة وجائز ان تلي المرأة الحكم وهو قول أبي حنيفة، وقد روى عن عمر بن الخطاب انه ولى الشفاء امرأة من قومه السوق، فان قيل: قد قال
(٤٢٩)