قال: الدف حرام والمعازف حرام: والمزمار حرام. والكوبة (1) حرام * من طريق سعيد بن منصور نا أبو عوانة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم قال: الغناء يثبت النفاق في القلب * ومن طريق سعيد بن منصور نا أبو وكيع (2) عن منصور عن إبراهيم قال: كان أصحابنا يأخذون بأفواه السكك يخرقون الدفوف * ومن طريق ابن أبي شيبة نا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن مجاهد في قول الله تعالى: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث) قال: الغناء، وهو أيضا قول حبيب بن أبي ثابت * ومن طريق ابن أبي شيبة نا عبدة بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن شعيب عن عكرمة في هذه الآية قال: هو الغناء * قال أبو محمد: لا حجة في هذا كله لوجوه، أحدها أنه لا حجة لاحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني أنه قد خالف غيرهم من الصحابة والتابعين، والثالث أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها لأنه فيها (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) وهذه صفة من فعلها كان كافرا بلا خلاف إذا اتخذ سبيل الله تعالى هزوا، ولو أن امرءا اشترى مصحفا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوا لكان كافرا، فهذا هو الذي ذم الله وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليلتهى به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالى فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا، وكذلك من اشتغل عامدا عن الصلاة بقراءة القرآن. أو بقراءة السنن:
أو بحديث يتحدث به أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك فهو فاسق عاص لله تعالى. ومن لم يضيع شيئا من الفرائض اشتغالا بما ذكرنا فهو محسن * واحتجوا فقالوا: من الحق الغناء أم من غير الحق ولا سبيل إلى قسم ثالث؟ فقالوا: وقد قال الله عز وجل: (فماذا بعد الحق الا الضلال) فجوابنا وبالله تعالى التوفيق ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) فمن نوى باستماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق وكذلك كل شئ غير الغناء ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه كخروج الانسان إلى بستانه متنزها وقعوده على باب داره متفرجا وصباغه ثوبه لازورديا أو أخضر أو غير ذلك ومد ساقه وقبضها (1) وسائر أفعاله فبطل كل ما شغبوا به بطلانا متيقنا ولله تعالى الحمد، وما نعلم لهم شبهة غير ما ذكرنا