مناقضة ظاهرة، ثم نظرنا في قول أبي حنيفة فوجدناه ظاهر الفساد (1) لمخالفة حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا * قال أبو محمد: ودعوى الشافعي انه إنما نهى عن الشغار لفساد الصداق في كليهما دعوى كاذبة لأنها تقويل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل وهذا لا يجوز، فان ذكروا ما رويناه من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر قال: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار ان يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته ليس بينهما صداق) وما رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ثابت البناني وآخر معه هو يزيد الرقاشي - عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا شغار في الاسلام) والشغار أن يبدل الرجل الرجل أخته بأخته بغير ذكر صداق وذكر باقي الحديث (2)، قلنا: أما هذان الخبران فهما خلاف قول أبي حنيفة. وأصحابه كالذي قدمنا ولا فرق. وأما الشافعي فلا حجة له في هذين الخبرين لوجهين، أحدهما انه وان ذكر فيهما صداق أو لإحداهما فإنه يبطل ذلك الصداق جملة بكل حال وليس هذا في هذين الخبرين فقد خالف ما فيهما، والوجه الآخر وهو الذي نعتمد عليه وهو ان هذين الخبرين إنما فيهما تحريم الشغار الذي لم يذكر فيها صداق فقط وليس فيه ذكر الشغار الذي ذكر فيه الصداق لا بتحريم ولا بإجازة ومن ادعى ذلك فقد ادعى الكذب وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله قط فوجب أن نطلب حكم الشغار الذي ذكر فيه الصداق في غير هذين الخبرين فوجدنا خبر أبي هريرة. وجابر قد وردا بعموم الشغار وبيان انه الزواج بالزواج ولم يشترط عليه الصلاة والسلام فيهما ذكر صداق ولا السكوت عنه فكان خبر أبي هريرة زائدا على خبر ابن عمر. وخبر أنس زيادة عموم لا يحل تركها * قال أبو محمد: وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) ووجدنا الشغار ذكر فيه صداق أو لم يذكر قد اشترطا فيه شرطا ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل بكل حال * وروينا من طريق أبى داود السجستاني نا محمد بن فارس نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف نا أبى عن محمد بن إسحاق نا عبد الرحمن بن هرمز الأعرج قال: ان العباس بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أنكح ابنته عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية وأنكحه عبد الرحمن ابنته وكانا جعلا صداقا فكتب معاوية إلى مروان يأمره بالتفريق بينهما، وقال معاوية في كتابه:
هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم *