مثل أن يكون وكيله فإن كان على وجه الضرر بالجارية لم يجز، قال: ويكره الرجل أمته المعتقة إلى سنين على النكاح * قال أبو محمد: أما قول مالك فظاهر التناقض لأنه أجاز اكراه السيد لامته على النكاح ومنع من إنكاحها الأسود إذا كان فيه ضرر عليها وأجازه إن كان وكيله وأراد عفته بذلك فأول ذلك أنها دعاوى بلا برهان ثم المناقضة في منعه انكاحها إياه إذا كان فيه ضرر عليها ولا ضرر أعظم من الكراهة والا فلم خص الأسود لولا الكراهة له إذ لو راعى الضرر فقط لاستوى انكاحها من قرشي أبيض ومن أسودا إذا كان في ذلك ضرر من ضرب أو اجاعة غير الكراهة، وأما من فرق بين اكراه الأمة فاجازه وبين اكراه العبد (1) فلم يجزه فإنهم احتجوا بأنه لما كان الطلاق إلى العبد كان النكاح إليه ولما كان للسيد احتباس بضع الأمة لنفسه كان له أن يملك بضعها غيره * قال أبو محمد: وهذا قياس والقايس كله باطل، ثم لو صح شئ منه لكان هذا أسخف قياس في الأرض لأنهم لم يوافقوا على أن الطلاق بيد العبد بل جابر وابن عباس وغيرهما يقولان: الطلاق بيد السيد لا بيد العبد، وأما قياسهم تمليك بضع الأمة لغيره كما له ان يحبسها لنفسه فسخف مضاعف لأنه لا خلاف ان للرجل احتباس بضع زوجته لنفسه أفتراهم يقيسون على ذلك تمليك بضعها لغيره؟ ان هذا لعجب، وأما من أجاز اكراه العبد والأمة سواء على النكاح فإنهم احتجوا بان الله تعالى أمر بانكاح العبيد والإماء ولم يشترط رضى، ذكروا ما روينا من طريق عبد الرزاق نا ابن جريج نا أبو الزبير انه سمع جابر بن عبد الله يقول في الأمة والعبد: لسيدهما ان يجمع بينهما ويفرق بينما * وبما رويناه من طريق سعيد بن منصور نا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون المملوك على النكاح ويدخلونه على امرأته البيت ويغلقون عليهما الباب * قال أبو محمد: أما قوله تعالى: في إنكاح العبيد والإماء فإنه عطف عز وجل على أمره بالنكاح الأيامى منا ولم يشترط فيهن رضاهن فليلزمهم (2) أن يجيزوا بذلك انكاح الحرة الثيب وان كرهت ان طردوا أصلهم الفاسد، فان شغبوا أيضا بقوله تعالى: (فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) إلى قوله تعالى (فأنكحوهن بأذن أهلهن) ولم يشترط رضاهن قلنا: وقد قال تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) ولم يشترط رضاهن، وكل هذا قد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن لا تنكح بكر حتى تستأذن ولا ثيب حتى تستأمر ولم يخص حرة من مملوكة:
(٤٧٠)